من يتحمّل مسؤوليّة “البلوكاج السيّاسي” بمجلس جماعة مكناس؟

قلم الناس ـ

بقلم :ذ ـ يوسف السوحي

من المنتظر أن يعلق مجلس جماعة مكناس أشغال دورته العادية لشهر اكتوبر المقرر عقدها يوم الجمعة المقبل ، بعد تعذر الاتّفاق بين مكونات الأغلبيّة المسيرة  الغير متجانسة ،التي لم تستطيع منذ إنتخابها تجاوز أزمتها الداخلية المتعلّقة بإ قتسام كعكة التفويضات ،ولم تنجح للأسف الشديد في القفز عن المصالح الشخصية واستحضار المصلحة العامة لساكنة مكناس ،بل لم تنفع معها  لا الإجتماعات السرية بفيلا كبير التجمعيين ،ولا اللقاءات العلنيّة داخل الجماعة أو في صالونات الفنادق و المقاهي..، وحتى لا يتّم الإستخفاف بعقليّة القارئ المكناسي المتتبّع للشأن المحلي ونخبه بالعاصمة الاسماعيلية ،كان لزاما علينا توضيح بعض الأمور التي نعتبرها في تقديرنا المتواضع أحد مفاتيح هذا “البلوكاج الممنهج “،فمسألة غياب العناصر المكونة للأغلبية والمقصود بها مجموعة الاتحاد الدستوري ب 9 منتخبين ،وحزب الاستقلال ب 5 منتخبين ،ومجموعة حزب الرئيس جواد باحجي ب 6 منتخبين ،ومجموعة الاتحاد االاشتراكي المكونة من 2 منتخبين ،عن حضور أشغال دورة الميزانية يوم الجمعة المقبل وعدم إكتمال النصاب القانوني لإنعقادها ،كانت عملية مقصودة ومخطط لها ،ضد استمرار الرئيس في ممارسة مهامه في سنته الاولى من ولايته الانتخابية ،تحركها أيادي معروفة من داخل التجمع الوطني للأحرار يمكن إعتبارها نيران صديقة “تنظيمية ” لم تستطيع بركة  أولياء سوس المتمثّلة في رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش من إطفاء شعلتها بين جواد باحجي وال الطاهري ، ونيران اخرى يحاول بعض نواب الرئيس من حزب الحصان والميزان الامساك بقبسها ..،تحاول جاهدة أن تشيطّن عمل الرئيس باحجي وفريقه ،وتضعه في قفص الاتهام مع توالي الأحداث ،مما يدفعنا لطرح تساؤلات منطقية في مواجهتها: هل هي بالفعل تجاذبات سياسية ببرامج  ورؤى مستقبلية مختلفة لمنظومة التنمية بالعاصمة الاسماعيلية ،كانت وراء عملية البوكاج ؟وهل هو بلوكاج سياسي أم مصلحي ضيق ؟

وعليه ،فإنه لفهم طبيعة النقاش المحلي  الدائر اليوم،  في الشارع السياسي المكناسي ،يجب التخلص من صنع ألهة المعبد ،والايمان بأن العمل السياسي هو عمل جماعي ،والتجرد من الأنا وحب الذات التي أصبحت أمراض نفسية  عند بعض المنتخبين، المعمرين بمجلس جماعة مكناس لعقود من الزمن خصوصا بحزب الاتحاد الدستوري  ،ويظنون  هم وأتباعهم ،بأنهم يمثّلون الحل لكل هذه المشاكل التي تتخبط فيها مكناس ، وأنهم البلسم المعالج لكل أوجاع التنمية بالعاصمة الاسماعيلية،في الوقت الذي تتهمهم الساكنة جهرا بكونهم يشكلون الجزء الأكبر من المشكل… ،صحيح أن حدث تفكك سبحة الأغلبية خلال دورة أكتوبر 2022 ،سيرخي بظلاله على المشهد المحلي ،وسيضيّع على المكناسين والمكناسيات سنة اخرى من التنمية ،لكن مناقشة الفاعل السياسي المنتخب بمجلس جماعة مكناس من طرف الساكنة،يجب عليه أن يجيب على هذه التساؤلات التي طرحناها سابقا ،وأن يعبر عن موقفه صراحة وبدون تبعية “القطيع “،وذلك من أجل فهم خطابه السياسي الغائب، الذي يطّل علينا فقط في المواسم الانتخابية ،أما مناقشة الفعل السياسي لنواب الرئيس المساهمين في عملية البلوكاج ،فهي من منطلق تحليلي تخضع لركيزتين أساسيتين:

الركيزة المؤسساتية : ان قيمة الجماعة الترابية في منظومة التنمية المحلية ،يجب ألاّ تهان من طرف المنتخبين المشكلين للاغلبية والمدّبرين للشأن العام المحلي بها ،وعلى عاتقهم تقع مسؤولية  المدينة،باستعمال الابتزاز السياسي والانتصار للمصلحة الضيقة التي يغلب عليها الذاتية المفرطة،والاخلال بالسير العادي لانعقاد دورات المجلس ،لمجرد وجود اختلافات سياسية في وجهات النظر في قضايا تنظيمية كهندسة التفويضات ، والتي من المفروض أن تكون هناك أليات لتصريفها :كعقد اجتماع للاغلبية ،أو خلق لجنة للتقصي أو لجن موضوعاتية تهم مرافق معينة أو حول قضايا خلافية تهم الشأن المحلي ،أو فتح نقاش والاعتراض عن طريق التعبير عن موقف سياسي خلال انعقاد الدورات العادية والاستثنائية للمجلس ،وليس بجمع التوقيعات والتهيج والتكتلات الورقية التي تفسر ضد بعض المنتخبين الشرفاء .

الركيزة السياسية :إذا سلمنا جدلا  أن البلوكاج الذي تعرفه جماعة مكناس ،هو بلوكاج بنفحة سياسية ،فهنا يصبح لزاما على مهندسيه المشكلين للاغلبية من حزب الحصان الذي يتوفر على تجربة كبيرة ويعرف كواليس الجماعة ، وحزب الميزان القليل التجربة التذبيرية بالجماعة المحلية ،ان يعبروا عنه بموقف سياسي واضح من خلال بيان أو ندوة صحفية توضح الأسس السياسية القائم عليها الاختلاف،باعتبار ادبيات الفعل  السياسي المصاحب بعد كل حدث أو ما ينتجه من أثار على الساحة السياسية المكناسية ،إلاّ أننا نكتشف للأسف الشديد تكتم فاضح لمكونات الأغلبية عن السر الحقيقي وراء تجيشي ياجوج وماجوج من أجل إقامة سد البلوكاج في وجه الرئيس الحديث العهد بخبايا عمل التسيير والتفاوضات السياسية والتكتلات الانتخابية ،بالرغم من كفاءته العلمية العالية ،ولنفترض جدلا أن الرئيس جواد باحجي ضعيف التجربة ،وغير قادر على خلق الانسجام في صفوف بعض نوابه ومنتخبيه في سنته الاولى ،فهي  في اعتقادي مسؤولية مشتركة بين كل مكونات الاغلبية،وكان بامكان نوابه تغطية هذا النقص المفترض  ، وأما بالنسبة للرئيس فما عليه سوى ان يتدارك هذه العيوب التقنية والطبيعية التي يتداولها ويروج لها كل من حزب الحصان والميزان وبعض الحياحة من المنتخبين  في السنة الثانية ،ولا داعي لإقامة كل هذه الضجة ،لأن كل المجالس المنتخبة تعرف في سنتها الاولى مثل هذه النواقص وسرعان مايتم تداركها ،وإن ظهر لحزبي الحصان والميزان غير ذلك ،وكانت هناك أسباب حقيقية مخفيّة على الساكنة لهذا الاختلاف أو البلوكاج المقصود ،فعليهم أن يمتلكوا الجرأة الكاملة والشجاعة الكافية ويعلنون استقالتهم من الاغلبية المسيرة ،ويشتغلون من داخل المعارضة وفقا للقانون والدستور ،ويتركون بالتالي باحجي وأتباعه وحزبه يتحملون مسؤولية هذه المرحلة .