مريم الشراضي تكتب.. قوة “السوشيال ميديا” في إدارة الحرب الجديدة



بقلم/ مريم الشراضي

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعى لاعبا سياسيا بامتياز، وأداة متقدمة في حروب المعلومات واستخدامها كأداة للسيطرة للاختراق والتخريب، وهذا ما انكشف جليا في الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة الآن، ودورها الخطير في هذه الحرب على كافة الأصعدة، خاصة أن وسائط التواصل الاجتماعي العالمية الكبرى أصبحت تمتلك قدرا من المعلومات يسر لها قدرات تفوق في واقع الحال قدرات بعض الدول.

ونموذجا ما نراه اليوم هو كيف أصبحت التغطية الإخبارية للحروب سهلة فى ظل توافر التقنيات الحديثة، وحجم المعلومات الآنية التي أصبحت متاحة بيسر من خلال تصفح مواقع التواصل والمنصات الرقمية. فالكل يتابع ويُقيم ويُحلل الأحداث لحظة بلحظة، فتحولت الصفحات إلى ساحات تعبير، وكأن أصحابها خبراء وساسة، فهذا يحكى عن تأثيرات وتداعيات الحرب على الاقتصاد، والآخر يتحدث عن السياسة الواقعية، وذلك يحلل ما يحدث عسكريا وسياسيا واقتصاديا، وهو ما أحدث حالة من الزخم يعكس قوة “السوشيال ميديا” وما وصلت إليه من سيطرة على حياة البشرية، وتعزيز قواعد جديدة.

ومن قواعد الحرب الجديدة أيضا، أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعى ليس مقصورا على مستوى الأفراد فحسب إنما امتد للدول والمؤسسات، حيث قامت بعض الدول بإنشاء كتائب إلكترونية سواء كان ذلك بصورة نظامية رسمية أو غير رسمية، خلاف استخدام الزعماء أنفسهم ومسؤولي الدول صفحاتهم وحسابتهم الرقمية لنشر التصريحات والقرارات، وهذا ما نراه في إدارة حرب روسيا وأوكرانيا، حيث رأينا أخطر التصريحات تم نشرها خلال مواقع التواصل الاجتماعى من قبل المسؤولين قبل الإعلان عنها بالطرق الرسمية أو التقليدية، وكنا نعتقد أن هذا لا يمكن استخدامه في إدارة الحروب، غير أن وسائل التواصل الاجتماعي غيرت في ديناميات الصراع والحياة العادية، حيث ترسخ قواعد جديدة تستهدف عقول وقلوب الشعوب، وتوظيفها للتأثير على أفكارهم، وتوجهاتهم، واختياراتهم، بل يمكن استخدامها لتجنيد أفراد أو نشر الكراهية بين الشعوب المتنافسة لإحداث انقسام في الأصوات داخل البلد الواحد.

حرب أوكرانيا وروسيا، في ظل عالم السوشيال ميديا، أكدت أننا في عصر استهلاك الأخبار، وأنه لم تعد الفضائيات والصحف العالمية والوكالات هي المصادر الإعلامية الوحيدة التي يستقي منها الجماهير معلوماتهم ومتابعتهم للحروب، ويرجع ذلك لسرعة الانتشار وغزارة المعلومات، وأن هذه المواقع  تتيح مساحات أوسع  للنقاش والحوار الحر.

لذا، فإن الحرب الأوكرانية الروسية، تقودنا إلى أهمية إدراك خطورة السوشيال ميديا وما رسخته من قواعد جديدة يجب الانتباه إليها جيدا حتى لا تكون سيفا على رقابنا، ومن الضرورى أيضا أن يعترف مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى العاديون بمسؤوليتهم وتسلح بالوعي الكافي
بما يشاركونه وبما ينشرونه وبما يتفاعلون معه..