كاميرات المراقبة: عندما تصبح الجماعة شريكاً في الأمن العمومي

  • بتاريخ : يونيو 21, 2025 - 11:59 ص
  • الزيارات : 788
  • قلم الناس

    ذ. محمد قريوش

    في سياق تزايد التحديات الأمنية بالمدن المغربية، لم يعد الأمن مسؤولية مقتصرة على وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية فقط، بل باتت الجماعات الترابية مطالبة اليوم بلعب أدوار حيوية في الوقاية، التتبع، والتنظيم المسبق للمجال العمومي، لا سيما عبر تبني وسائل المراقبة الحديثة كالكاميرات الذكية في الشوارع والساحات.

    ورغم أن القانون التنظيمي 113.14 لا يمنح لرئيس الجماعة صلاحيات أمنية مباشرة، إلا أنه يمكّنه، بصفته ضابطاً للشرطة الإدارية، من التدخل في مجالات السكينة والسلامة والنظافة، ما يفتح الباب أمام اعتماد الكاميرات كأداة فعالة لتعزيز هذه الوظائف. فمتى أدرك المنتخبون هذا الدور، أمكن فعلاً تحويل الجماعات إلى فاعلين في الأمن الوقائي، بالشراكة مع سلطات الأمن الوطني أو الدرك الملكي.

    التفكير في مشروع مرحلي لتغطية مدينة ويسلان خلال 5 سنوات

    على سبيل المثال مدينة ويسلان يمكن أن تشكّل نموذجاً عملياً. إذ يمكن للجماعة إعداد مخطط مرحلي يمتد لخمس سنوات ، يهدف إلى تغطية مختلف الشوارع الرئيسية والفضاءات الحساسة بكاميرات مراقبة، من دون إنهاك ميزانية الجماعة.

    و من باب المساهمة الإيجابية أقترح المخطط كما يلي:

    1. السنة الأولى : تغطية النقاط السوداء ذات الكثافة المرورية العالية، والتي تسجّل أكبر عدد من الحوادث أو حالات التجمهر والفوضى.
    2. السنة الثانية : تجهيز مداخل ومخارج المدينة، والمحاور التي تعرف حركة عبور كثيفة.
    3. السنة الثالثة : تغطية الأحياء المعروفة بارتفاع مؤشرات الجريمة أو الشغب أو الأنشطة الليلية المشبوهة.
    4. السنة الرابعة : تجهيز محيط المؤسسات التعليمية، والأسواق، والمرافق العمومية الحساسة (المراكز الصحية، الجماعة، الملاعب…).
    5. السنة الخامسة: استكمال الربط بين النقاط المجهزة، وتعزيز المراقبة بالذكاء الاصطناعي وتحليل الصور في الوقت الحقيقي.

    تمويل ذكي عبر الأولويات والتعاون

    لضمان استمرارية المشروع دون إثقال كاهل الميزانية، يمكن اعتماد التمويل التدريجي عبر تحويل بعض بنود الإنفاق الثانوي، أو عبر شراكات مؤسساتية، ومساهمات مواطنة، أو اتفاقيات دعم مع جهة فاس مكناس.

    كما أن المشروع يمكن أن يُدرج ضمن **ميزانية التجهيز**، وليس التسيير، ويمكن دعمه من خلال برامج التمويل الوطني للمدن الذكية، التي تسعى لتحديث الإدارة المحلية ودمج التكنولوجيا في الخدمات العمومية.

    دور المنتخبين في حماية المواطن ؟

    إن التقاعس عن تجهيز المدينة بهذه الوسائل الحديثة لم يعد مقبولاً في ظل تنامي الجرائم البسيطة، وتزايد الشكاوى من الاعتداءات والمضايقات اليومية. لذا فإن من واجب المنتخبين، إدراك اختصاصاتهم الواسعة، وعدم انتظار تدخلات العامل أو والي الأمن، خصوصًا حين تكون بعض الحلول التقنية، كالكاميرات، من صميم اختصاص الجماعة، قانوناً وتمويلاً.

    الكاميرات ليست انتهاكاً للخصوصية، بل وسيلة لتحقيق الطمأنينة. وحين تؤمن الجماعة بدورها في إنتاج الأمان اليومي، فإن المواطن سيلمس الفرق في إحساسه بالأمن، وستتغير علاقته بالمجال العام، فيتملك الشارع بدل أن يخافه.