د. أيمن عقيل يكتب :هل نَنْعَى الأمم المتحدة أَمْ نحاول إِصلاحها؟

  • بتاريخ : نوفمبر 7, 2024 - 12:22 م
  • الزيارات : 5
  • قلم الناس:الرأي

    بقلم / أيمن عقيل

    في 24 أكتوبر 2024 بدأ العد التنازلي للاحتفال بالذكرى الثمانين للأمم المتحدة، وقبلها بشهور قليلة احٌتفل باعتماد ميثاق الأمم المتحدة الذي عرٌف بإنه الدستور الخاص بالعلاقات الدولية، وأري أنه من الآن وحتى 24 أكتوبر 2025 عندما تحل الذكرى الثمانين، ستكون الفرصة مناسبة للتأمل فيما حققته هذه المنظمة من إنجازات وما أقدمت عليه من مبادرات كان من شأنها حفظ السلام، وتجنيب العالم ويلات حرب عالمية ثالثة. لكن في الوقت نفسه هي فرصة لتقييم الإخفاقات التي وقعت فيها المنظمة والتي تكاد تجعلها بحسب وصف بعض المعنيين بشؤون المنظمة عفا عليها الزمن وأنها لن تقدر على أن تفيق من عثرتها الحالية.

    وإذا بدأنا بالإنجازات فالمنظمة منذ نشأتها تبنت قضية تحرير الدول الواقعة تحت الاستعمار بموجب الحق في تقرير المصير، وساهمت في نشر مبادئ القانون الدولي، فأنشأت برنامج الأمم المتحدة للتعريف بالقانون الدولي، وقامت بتشجيع تدريسه، وهو ما استفاد منه مئات الآلاف من الدبلوماسيين والخبراء وغيرهم من المهتمين. وقد تعودنا أن نقيس إنجازات الأمم المتحدة بالنظر للشق السياسي دون النظر إلى تداخلات هذه المنظمة على الجانب الإنساني. رغم الأدوار الإيجابية التي تقدمها المنظمة في هذا المسار، وفي الحد من أضرار الكوارث الطبيعية والبشرية. وفي 30 أغسطس 2024 خصصت الأمم المتحدة 100 مليون دولار لدعم الاحتياجات الإنسانية الطارئة في 10 دول في أفريقيا وأسيا والشرق الأوسط والأمريكتين وهذا التخصيص الأخير لا يعدو كونه نقطة في بحر من إنفاق الأمم المتحدة على الاحتياجات الإنسانية للشعوب التي تعد في حاجة مُلحة لهذه المساعدات.

    لكن رغم الجانب المضيء للأمم المتحدة إلا أن جانبا أخر يبعث على القلق ويفضي إلى كآبة تخيم على المنظمة والعاملين فيها بما في ذلك أكبر المسؤولين، وهو فشل المنظمة في إيقاف الحروب في الشرق الأوسط مثل حرب غزة والتصعيد في جنوب لبنان والصراع في السودان. لكن ربما الإخفاق الأكبر يتمثل في فشلها في إدخال المساعدات الإنسانية في غزة. للحد الذي دفع كبير مسؤولي الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة يصرح إن جميع سكان شمال غزة معرضون لخطر الموت. لكن حقيقة الأمر إن تراجع المنظمة لم يكن مهده حرب غزة. لكن بدأ عندما بدأت الدول الخمسة دائمي العضوية في مجلس الأمن تتمادى في التحكم في إرادة الأغلبية، وتستخدم الامتياز المعروف باسم حق النقض الفيتو لرفض قرارات وافقت عليها الأغلبية بناء على أجندات سياسية. لكن حتى في الأوقات التي نجحت فيها الأمم المتحدة في تبني قرارات لإيقاف النزاعات المسلحة ظلت دون تنفيذ، وكمثال واضح أثناء النزاع على إقليم كشمير بين الهند وباكستان.

    جانب أخر لا يقل أهمية من إخفاقات الأمم المتحدة يتمثل في مكانة أمينها العام أنطونيو غوتيريش، يكفي أن أقول إن الرجل الذي يقود المنظمة الأهم في العالم رٌفض في سبتمبر وأكتوبر 2024 من دخول دولتين أعضاء في المنظمة التي يقودها، الواقعة الأولي بسبب موقفه من حرب غزة وبناء عليه رفضت إسرائيل دخوله لديهم. والثانية نتيجة ذهابه لروسيا وحضوره قمة بريكس فرفض الرئيس الأوكراني حضوره العاصمة كييف. وهو ما أحبط بحسب معلومات عدد من الدبلوماسيين الذين ظلوا آملين في أن يمارس غوتيريش دورا سياسيا أكبر لمنع الحروب. أخيرا لا أريد أن أكون قاسيا في نقد المنظمة ولا أؤيد بشكل شخصي نعيها واعتبارها منظمة عفي عليها الزمن لكن بدل من ذلك أؤيد الدفع نحو إصلاحها كونها المنظمة التي لا تزال تحظى برصيد بين الدول الأعضاء ويلتزم الجميع على الأقل علنا بالمبادئ التي قامت عليها. لكن هذا الإصلاح إذا آن له أن يٌترجم لخطوات حقيقة يجب أن تكون بدايته ولا شك توسيع قاعدة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ومنح المنظمة الدولية صلاحيات أكبر لوقف سباق التسلح للوصول لنظام عالمي يحقق الأمن الجماعي للدول كافة. أضيف لما سبق قدرة المنظمة على وقف ازدواجية المعايير سواء داخل الهيئات والوكالات والبرامج التابعة لها. كل هذه الخطوات أن تحققت قد تجعل المنظمة تنهض من عثرتها الحالية

    هل نَنْعَى الأمم المتحدة أَمْ نحاول إِصلاحها؟