د.أيمن عقيل من مصر يكتب : أَجَانب لَا مُقَاتِلون

  • الكاتب : أيمن عقيل
  • بتاريخ : مارس 13, 2025 - 8:35 م
  • الزيارات : 56
  • قلم الناس

    توقفت كثيرًا عند الانتشار الواسع للفظ المقاتلون الأجانب، والذي يٌطلق عادة على الأفراد الذين ينتقلون من دولهم الأصلية بغرض ممارسة أعمال عنف أو إرهاب في بيئة تتسم بنزاعات مسلحة في الغالب وضمن جماعة متمردة أو جماعة مسلحة خارجة عن الدولة.

    وكنت اتسأل هل يصح بالفعل أن نٌطلق على هؤلاء الأفراد لفظ مقاتلون؟ ومن وجهة نظري إن هذا اللفظ لا ينطبق على هؤلاء الأفراد. والغريب هو استخدام بعض التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة لفظ المقاتلون الأجانب. رغم إن بحسب آراء الفريق العامل المعني بالمرتزقة فقد يكون استخدام لفظ مقاتلون مضللاً.

    وفسر الفريق العامل هذا الرأي باعتبار أن القانون الدولي الإنسان يٌطلق هذا المصطلح على الأفراد الذين ينضمون إلى جماعات مسلحة نظامية أو المدنيين الذين يشاركون بشكل مباشر في الأعمال القتالية أثناء النزاعات المسلحة. ويوضح ذلك الاختلاف في استخدام المصطلح حتى بين الآليات الدولية لحقوق الإنسان وهيئات الأمم المتحدة الأخرى.

    وقد عرف مجلس الأمن هؤلاء المسلحون كما أسميهم في قراره رقم 2178 لسنة 2014 بأنهم الأفراد الذين يسافرون إلى دولة غير التي يقيمون فيها أو يحملون جنسيتها بغرض ارتكاب اعمال إرهابية او تدبيرها او الإعداد لها أو المشاركة فيها أو حتى توفير تدريب على أعمال إرهابية او تلقي هذه التدريبات بما في ذلك في النزاعات المسلحة. وعدت دراسة لمركز بالفر للعلوم والشؤون الدولية التابع لجامعة هارفارد Belfer Center for Science and International Affairs أربعة معايير لتمييز المقاتل الأجنبي وهم؛ شخص متمرد، ويعمل داخل قوة متمردة، لا تربطه أي علاقة قرابة أو جنسية مع الأطراف التي تتنازع بين بعضها البعض، ولا ينتمي إلى جيش نظامي. والحقيقة إني أجد ضرورة في إعادة صياغة هذه العبارة، فالمقاتل في رأيي فرد يدافع عن وطنه وشعبه مقابل قوة معتدية، ولا يصح أن يطلق على ذلك الشخص الذي لا ينتمي لجيش نظامي ويقاتل من أجل المال أو التصور الوهمي للأيديولوجية الذي يدافع عنهًا.

    ويشكل هؤلاء المسلحين خطرًا على المدنيين في الدول الذين يتواجدون فيها ، و الأكثر من ذلك إن وجودهم يفاقم من حدة النزاعات ومدتها وتعقيدها، وقد يشكلون خطرًا جسيمًا على دولهم الأصلية، ودول العبور، ودول الوجهة النهائية، وأيضا على المناطق المجاورة للنزاعات المسلحة التي ينشطون فيها. ووفقا للإحصائيات فإن 90% من الدول الأصلية الذي ينتمي إليها هؤلاء المسلحون الأجانب مدرجون على قوائم الإرهاب في دولهم.

    والمسلحين الأجانب إرهابيين في الأصل ينتقلون إلى دول أخرى لأغراض نفعية في المقام الأول مثل الدوافع المادية والمالية ولكن قد ينتقل بعضهم إلى بيئة تتسم بالنزاعات لدوافع أيديولوجية دينية أو فكرية في الأساس.

    وتعتمد الجماعات الإرهابية علي هؤلاء المسلحين مثل داعش وحركة الشباب في الصومال من أجل تعزيز قوتها والصمود ضد قوات الأمن ويوجد لدى داعش 2000 من المسلحين الأجانب، ويحاول التنظيم تهريبهم من معسكرات الاحتجاز في شمال شرق سوريا مقابل 2000 دولار لكل فرد ويستغل تنظيم داعش تواجد هؤلاء المسلحون في مراكز الاحتجاز لإطلاق حملات للتبرع على وسائل الإنترنت للإفراج عنهم، وهو ما حدث بالفعل في بعض الحالات ويشكل ذلك مكمن خطر هائل لإن استمرار الإفراج عن هؤلاء المقاتلين مقابل المبالغ المالية يهدد بإحياء تنظيم داعش.

    والفرق ليس كبيرًا بين المرتزقة وبين المسلحين الأجانب فالمرتزق وفقا لتعريف الأمم المتحدة هو أي شخص تتوافر فيها الصفات التالية: يجري تجنيده في الخارج ليقاتل في نزاع مسلح؛ يشارك فعلًا ومباشرة في الأعمال العدائية؛ دافعه للاشتراك في الأعمال العدائية الرغبة في تحقيق مكسب شخصي، ويُمنح هذا المكسب له من قبل طرف في النزاع أو نيابة عنه وقد يكون وعد مادي؛ وأخيراً ليس من رعايا طرف في النزاع ولا مواطنًا بإقليم يسيطر عليه أحد أطراف النزاع.

    ويوجد بين المسلحين الأجانب والمرتزقة قواسم مشتركة كثيرة، تتمثل فإن كليهما مرتبطون بالأعمال الإرهابية والمشاركة في النزاعات المسلحة التي يمكن أن تؤثر سلبًا على حقوق الإنسان بالإضافة إلى الأنشطة الإجرامية الأخرى بما في ذلك الانضمام إلى شبكات الجريمة المنظمة والتهريب. لكن بينهم فروقًا تبدو واضحة في بعض الحالات فبينما المرتزقة يذهبون للتحارب بدافع مادي في المقام الأول فإن بعض المسلحين الأجانب قد تحفزهم الأيدولوجية عن الدافع المادي. وفي تقديري إن التصدي لهذه الظواهر بكافة مسمياتها سواء كانوا مسلحون أجانب أو مرتزقة أو ميلشيات مسلحة، لم يعد رفاهية بل هي ضرورة تستدعي التكاتف بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لوضع ما يلزم من تدابير وإجراءات تحد من تدفق هؤلاء المسلحين، ومن أجل الحد من ممارسة أعمال العنف والإرهاب التي تٌخلف تٌكلفة اقتصادية واجتماعية وحتى تنموية قد لا يمحوها الوقت.

    https://www.aymanokeil.com/ar/?p=2058