قلم الناس
في ظل تراجع نصيب الفرد من الموارد المائية واشتداد سنوات الجفاف، باتت تحلية مياه البحر خيارًا حتميًا لضمان الأمن المائي والغذائي، خاصة بالنسبة للقطاع الفلاحي الذي يعد أحد أعمدة الاقتصاد الوطني.
هذا التحول الاستراتيجي شكل محور ندوة وطنية احتضنتها مكناس يوم الثلاثاء 22 أبريل، تحت عنوان: “تحلية مياه البحر.. رافعة أساسية لتعزيز صمود الفلاحة المسقية”، ضمن فعاليات الدورة الـ17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب (سيام).
وأكد المتدخلون أن إشكالية ندرة المياه أضحت بنيوية، في ظل ارتفاع الحاجيات المائية التي باتت تتجاوز الطلب المرتبط بالزراعة وحدها، مشددين على أن تحلية مياه البحر أصبحت خيارًا استراتيجيًا لا مفر منه.
وأوضح محمد أوحساين، المدير المالي لقطاع الفلاحة بوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن الاهتمام بالموارد المائية غير التقليدية، وعلى رأسها تحلية مياه البحر، يأتي نتيجة عدم كفاية الموارد التقليدية لتلبية الحاجيات المتزايدة للزراعة، خاصة في ظل تنزيل مخططي المغرب الأخضر والجيل الأخضر.
وأشار إلى محطة تحلية مياه البحر بشتوكة آيت باها بجهة سوس ماسة، التي ساهمت في الحفاظ على وتيرة سقي الأراضي الزراعية، وتزويد الساكنة المحلية بالماء الشروب، رغم تداعيات الجفاف الحاد خلال السنوات الأخيرة.
ويواصل هذا المشروع الضخم أداء مهامه من خلال سقي 10 آلاف هكتار من البواكر لفائدة 1500 فلاح بسهل اشتوكة، أحد أبرز الأقطاب الفلاحية بالمغرب في إنتاج الخضر والفواكه، إلى جانب تزويد أكادير الكبير بالماء الصالح للشرب.
وأكد أوحساين أن هذه المحطة، التي شكك البعض في جدواها بدايةً، أسهمت في إنقاذ استثمارات فلاحية بقيمة 4 مليارات درهم، وخلقت قيمة مضافة تصل إلى 9 مليارات درهم.
وشدد المتدخلون على أن تحلية مياه البحر أصبحت اليوم ضرورة لضمان الأمن المائي، خاصة بالمناطق الساحلية، كما تُشكل عنصرًا داعمًا للأمن الغذائي، بفضل استخدامها في ري الأراضي الزراعية.
من جهته، استعرض يوسف جبهة، رئيس الغرفة الفلاحية لجهة سوس ماسة، المكاسب التي حققها القطاع الفلاحي بفضل محطة تحلية مياه البحر بشتوكة، معربًا عن أمله في خفض كلفة المتر المكعب من الماء المحلى، التي تبلغ حاليًا 5 دراهم، مقارنة مع كلفة مياه السدود التي لا تتجاوز 0.8 درهم.
ويطمح المغرب، من خلال مشاريعه المبرمجة بعد محطة شتوكة، إلى بلوغ قدرة إنتاجية تبلغ 1.7 مليار متر مكعب من المياه المحلاة سنويًا في أفق 2030، منها 500 مليون متر مكعب موجهة للفلاحة.
وسيتم إنجاز هذه المشاريع في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، وتشغيلها بالطاقة المتجددة (الشمسية والريحية)، وذلك بهدف خفض تكلفة إنتاج الكيلوواط/ساعة التي تمثل نحو 70% من كلفة المتر المكعب إذا استُخدمت الطاقة الأحفورية.
إرسال تعليق