المندوبية السامية للتخطيط تنجز دراسة تكشف واقع المرأة القروية..وتؤكد على أن نسبة الأمية بينهن 48.4% ف

  • الكاتب : الرماش نبيل
  • بتاريخ : مارس 29, 2025 - 3:20 م
  • الزيارات : 33
  • أنجزت المندوبية السامية للتخطيط بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبدعم من الاتحاد الأوروبي، دراسة حديثة  كشفت فيها عن استمرار التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية في الوسط القروي، لا سيما فيما يتعلق بوضعية النساء.

    وأوضحت الدراسة، التي جاءت تحت عنوان “تقدير تكاليف الفرص الاقتصادية والاجتماعية لتمكين النساء القرويات اقتصاديًا”، أن 70.5% من النساء القرويات العاملات لا يتقاضين أي أجر، ما يعكس هشاشة أوضاعهن الاقتصادية، ويؤكد استمرار الفجوة الجندرية في سوق العمل القروي.

    ووفقًا للمعطيات الواردة في التقرير، بلغ عدد النساء القرويات 6.67 مليون نسمة سنة 2024، ويمثلن 49% من إجمالي سكان القرى. وتعد هذه الفئة قوة ديموغرافية أساسية، حيث إن 57.2% منهن في سن النشاط الاقتصادي (15-59 سنة)، بينما تبلغ نسبة الفتيات دون 15 سنة 29%، ونسبة النساء فوق 60 سنة 13.9%.

    ورغم هذا الحضور العددي المهم، لا تزال نسبة كبيرة من النساء القرويات تواجه صعوبات في الولوج إلى سوق العمل والتعليم. فقد بلغت نسبة الأمية بينهن 48.4% في عام 2024، وهو معدل يفوق بشكل كبير نظيره لدى الرجال القرويين، الذي لا يتجاوز 27.9%.

    ورغم ذلك، فإن معدلات تشغيل النساء في القرى تبدو أفضل مقارنة بالمدن، حيث تصل نسبة تشغيل النساء القرويات إلى 21.9%، أي أكثر من ضعف النسبة المسجلة لدى النساء في المناطق الحضرية، والتي لا تتجاوز 13.7%.

    وتشير الدراسة إلى أن 61.8% من الشابات القرويات (بين 15 و29 سنة) ينتمين إلى فئة NEET، أي الفئة التي لا تعمل ولا تدرس ولا تحصل على تدريب مهني. كما أن البطالة لا تستثني حتى النساء الحاصلات على مؤهلات، إذ بلغت نسبة العاطلات في القرى من بينهن 38%.

    وفي ظل هذه الظروف الصعبة، تلجأ العديد من النساء إلى الهجرة نحو المدن بحثًا عن فرص اقتصادية أفضل، إلا أن هذه الهجرة غالبًا ما تتم في ظروف غير مريحة، حيث تواجه النساء تحديات اجتماعية واقتصادية جديدة في الوسط الحضري.

    وسجل التقرير انخفاض سن الزواج الأول لدى النساء القرويات منذ عام 2010، وهو اتجاه يتناقض مع الأنماط السابقة. كما لوحظ ارتفاع نسبة العزوبة بين النساء بعد سن الخمسين. أما معدل الخصوبة، فرغم كونه لا يزال أعلى في القرى (2.37 طفل لكل امرأة) مقارنة بالمدن، إلا أنه يشير إلى تقارب متزايد بين المجالين.

    ولمواجهة هذه التحديات وتعزيز مشاركة النساء القرويات في الاقتصاد، قدمت الدراسة عدة توصيات، أبرزها:

    – تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية، عبر توسيع شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، وضمان المساواة في الوصول إلى هذه الخدمات.

    – توفير خدمات رعاية الأطفال، من خلال إنشاء دور حضانة ميسورة التكلفة وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

    – تعزيز فرص العمل وريادة الأعمال، عبر تطوير برامج تشغيل موجهة للنساء القرويات، وتوسيع نطاق التمويل والدعم للمشاريع النسائية.

    – تحسين التعليم والتكوين المهني، عبر الاستثمار في تعليم الفتيات القرويات، وتحسين الولوج إلى التعليم الثانوي، وتعزيز التدريب المهني المتوافق مع سوق العمل.

    – تقليل العوائق المتعلقة بالأجور وعدم استقرار الوظائف، بوضع سياسات حماية اجتماعية ملائمة، وتوعية المشغلين بأهمية التنوع والإدماج في سوق الشغل.

    – مراجعة القوانين والتشريعات، لإزالة العقبات البيروقراطية والتمييز القائم على النوع الاجتماعي، وتعزيز آليات الضمان والدعم المالي.

    وتشير نتائج هذه الدراسة إلى أن تمكين النساء القرويات اقتصاديًا ليس مجرد ضرورة اجتماعية، بل هو عامل أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، وتقليص الفجوات المجالية والاجتماعية بين المدن والقرى. ومع تزايد التحديات التي تواجههن، تظل الحاجة ملحة لاتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة لتحسين أوضاعهن، وضمان إدماجهن العادل في سوق العمل والاقتصاد الوطني.