في الصميم :صناعة مهرجان يليق بمكناس تقتضي إنصاف النسخ السابقة .

بقلم :ذ_ يوسف السوحي

تعج العاصمة الاسماعيلية بالكثير من الانجازات الثقافية والرياضية،والانتاجات الفكرية والاسماء الحرفية والاعلامية والمسرحية والسينمائية…، التي دونت إسمها بحروف من ذهب في سجل الأمة المغربية وارتبطت بحقبة معينة من الزمن الجميل ،يحفظ التاريخ لها الكثير من الاحداث والتظاهرات التي كان لرجالها ونسائها شرف السبق فيها على الصعيد الوطني،بل منها من دعى صيتها خارج الوطن،فمدينة مكناس،أنجبت أولاد  صنعوا أمجاد بلدتهم ووطنهم في كل المجالات و بصموا بمعادن نفيسة في سجلات تاريخ المغرب. جاهدوا وثابروا بغرائز الإنسانية الحقة والانتماء الفطري والسمو الأخلاقي، فتمكنوا  بفضل القيم التي كانوا يؤمنون بها من الوصول للإبداع والابتكار في أبهى صوره ،  ساهم كل من زاويته وتخصصه في النهضة والتنمية، والتطور في كل المجالات. حتى أصبحوا روادا في مختلف دروب الحياة .وسبب نزول هذا الحديث اليوم هو ما ترتب عن قرار  رئيس مجلس جماعة مكناس عبد الله بووانو بتوقيف مهرجان مكناس، الذي ولد ولادة قيصرية ،وبنفحة سياسية قطع اصحابها العلاقة مع ماضي نفس المهرجان في المجالس السابقة ،بحيث كان مثار جدل في دوراته الثالثة الاولى سواء على مستوى المضمون والفقرات أوالتوقيت،زيادة على ميزانيته التي ظلت سرا للغاية ،كما أنه لم يستطيع أن يجد لنفسه  ” تيمة” تجعله يعبر كمهرجان عن ثقافة وحضارة العاصمة الاسماعلية ،يتم مزجه مع  أهداف المخطط الجماعي للمدينة  ،بل إقتصرا أصحابه عن تقليد ونقل صورة نمطية لمجموعة من المهرجانات الوطنية، وشحنه بسهرات فنية مكلفة، هذا القرار المفاجئ لم يأتي بمحض الصدفة،بل كان بناءا على قناعة صناع القرار بالمدينة ،الامر الذي خلف ردود افعال تميزت في مجملها بالانفعال ، وتبادل الاتهامات بين من يسهرون اليوم عن تذبير وتسيير الشأن العام ، متمثل في حزب العدالة والتنمية بأغلبية مريحة ، تريد من خلال هذا الحدث الثقافي والفني الكبير أن تطرح برامجها وايديولوجيتها الحزبية والدعوية ،وأن تقحم وتشارك مريديها والمتعاطفين معها من الجمعيات والفعاليات المختلفة وأن ترصد له ميزانية ضخمة،،وبين العديد من الجمعيات والفعاليات المكناسية  الاخرى التي تجد نفسها خارج المهرجان شكلا ومضمونا بسبب توجهاتها الثقافية أو السياسية .

لكن الغريب في موضوع مهرجان مكناس أو مهرجان العدالة والتنمية كما يصفه الرافضون من المسؤولين والمنتخبين والمثقفين والاقتصاديين…، هو أن قرار الالغاء كشف الستار عن  التهييئ لميلاد مهرجان أخر تحت إشراف مجلس عمالة مكناس ،الذي يتحكم في مفاصله حزب الاتحاد الدستوري وحزب الحركة الشعبية ،مهرجان أخر بميزانية ضخمة أخرى،و بتصور وبرنامج  مغاير وإدارة وطاقم أخر،الامر الذي يجعلنا أمام صورة واضحة لصراعات سياسوية محضة،و وفق مصالح شخصية نفعية ومادية صرفة،تجعل مصالح العاصمة الاسماعيلية في مهب الريح ،وتهدر مالية المدينة وزمنها السياسي،لأنه من العبث توقيف مهرجان في دورته الرابعة بعلله ونواقصه التي يمكن معالجتها واستدراكها، بسبب قلة الإمكانيات ،وغياب دعم الجهة ومجلس عمالة مكناس والفعاليات الاقتصادية،ومحاولة إحداث مهرجان اخر على أنقاض المهرجان السابق الذي راكم العديد من المعطيات والخبرات  والتجارب…،والعودة مجددا الى مرحلة التأسيس ..، ومن الحمق العودة مع كل مجلس منتخب إلى نقطة الصفر ،لأن المهرجان في حقيقة الأمر هو  فسحة للتربية والتثقيف وفرجة واحتفال للساكنة  ،وتتويج للفكر والثقافة والابداع بالمدينة والإقليم  في أطار الالتزام والاستمرارية ،تساهم مجتمعة في مسلسل التنمية المستدامة للمدينة ،وليس للأسف الشديد ترف سياسي للحزب المسير أو المسيطر،أو فرصة للمنتخبين ومن تبعهم إلى يوم الاقتراع ،للإنتفاع وأكل الغلة .