في الصميم :إفلاس جماعة مكناس …هل هو قرار أم نتيجة ؟

بقلم :ذ_ يوسف السوحي .

أفرزت الدورة العادية 6 فبراير 2020 لمجلس جماعة مكناس،العديد من المتناقضات بين مكونات الاغلبية ،وكشفت الوجه الحقيقي لبعض مكونات المعارضة النقدية ،وأسقطت قناع التوافق في بعض الاشكالات والقضايا التي تؤرق بال المكناسين والمكناسيات،دورة دفعت لأول مرة منذ ما يزيد عن أربع سنوات ونيف من انتخاب هذا المجلس،ببعض المنتخبين من تكسير طوق الولاء السياسي ،والانتفاض ضد ثقافة الشيخ والمريد،والاحتجاج على السيد الرئيس،خصوصا فيما يتعلق في تحرير الملك العمومي وما شاب هذه العملية من محسوبية وزابونية والكيل بمكيالين …،كما كشفت مجريات هذه الجلسة على أن ميزانية جماعة بووانو معرضة للافلاس،وتعاني من نقض فاضح في المداخيل،في غياب أسباب مقنعة لذلك ،وفي غياب تحرك فعلي للمجلس،وهنا يجب أن نطرح سؤالا جوهريا بخصوص هذا الافلاس المنتظر ،هل هو قرار الغرض منه اغراق الجماعة في الديون،وتسيير وتذبير الشأن المحلي بهاجس انتخابي ؟ أم هو نتيجة لقرارات واختيارات سياسية ستحسم في جديتها الايام المقبلة ؟فلا يعقل أن نطلب مثلا من الساهرين على تدبير سوق الجملة للخضر والفواكه بمكناس، سواء الاداريين أو التجار أو الوكلاء أن يكرسوا مفهوم الحكامة وأن يرفعوا من مداخيل هذا المرفق العام،  ،لتتجاوز المليار والمجلس عاجز عن حماية هذا المرفق من الاسواق العشوائية بكل من سيدي بوزكري والحي الجامعي ،وبجماعات مجاورة كسوق تولال وسوق جماعة ويسلان،وبالتالي كم هي الاموال التي تضيع عن ميزانية الجماعة بسبب هذه الاسواق العشوائية ؟ بالاضافة إلى توالد تجارة تتم داخل “المبردات ” وعلى الطرقات القريبة من الضيعات ،خصوصا في بعض الخضر والفواكه طول السنة،مما يساهم في خسارة كبيرة على خزينة الجماعة ،كما أن عجز المجلس على استرجاع الباقي استخلاصه،خصوصا في مجال التعمير والجبايات ،ونحن نعلم أن العديد من اللوبيات الاقتصادية المكناسية لا تؤدي للجماعة ما بذمتها،بل هناك شركات كبرى في العقار  مدينة لخزينة المجلس بأموال باهضة وتحظى بنوع من المعاملة الخاصة ،لماذا يتساهل مجلس جماعة مكناس في استخلاص الاكرية الخاصة بممتلكات الجماعة سواء في المحطة الطرقية،سوق الحبوب،المجزرة،المحلات والمباني..؟

إن الرهان عن الشعبوية والفوز بالانتخابات المقبلة ،وصرف أموال باهضة في مجال الرياضة والثقافة دون نتائج تذكر ،وغياب الحكامة في تسيير بعض المرافق العمومية لمجلس جماعة مكناس خصوصا في مجال التعمير والجبايات ،تعتبر أسباب أساسية في افلاس ميزانية المجلس،ولعل ما ذكرناه من أسباب ووقائع هي مجرد فيض من غيض ،لكن خير مثال شعبي ينطبق على حالة العاصمة الاسماعيلية هو: فلوس اللبان يديهم زعطوط وهي أسطورة شعبية تحكي أن زعطوط أو القرد البربري كان يتابع باهتمام لبانا (بائع لبن)قرب نهر وهو يمزج اللبن بالماء بالقدر نفسه حيث كان يملأ نصف الجرة لبنا ً والنصف الآخر بالماءليبيعه ويجني أرباحا مضاعفة، وهكذا كان فقد باع اللبان كل الجرر.و جنى أضعاف الربح لكن الزعطوط باغت اللبان وسرق منه النقود التي جناها من عمله.وتوجه صوب النهر وجلس ثم أخد كيس النقود، وفي حركة متوازية كان يضع قطعة نقدية بجانبه ويرمي بالأخرى في الماء. تحسر البائع على نقوده التي لم يستطع أخدهامن القرد وهو يرى جهده في جمع المال يذهب سدىً ولم يجد أنسب طريقة للتعبير عن حسرته سوى بالقول(فلوس الماء يديهم الماء وفلوس اللبن يديهم زعطوط..)