عبد الجبار العشاب يحلّل أعطاب منظومة التنمية بالحاضرة الاسماعيلية {حوار }

قلم الناس : هيئة التحرير 

تعيش ساكنة العاصمة الإسماعيلية هذه الأيام ،على إيقاع عدم الاطمئنان للوضع الاقتصادي، و الاحقان الإجتماعي و الارتباك في اتخاد القرار السياسي المناسب، الذي يلوح في الأفق ،بسبب ضعف صبيب الإستثمارات ،وصعوبة الولوج لمنظومة التنمية المحلية المستدامة، بمؤشراتها الطبيعية والثقافية و الاقتصادية والبشرية، ومعدلات انعكاساتها الاجتماعية ..،من هذا المنطلق نستضيف أحد أبناء مكناس المهندس ورجل الاعمال والرئيس السابق لإتحاد مقاولات المغرب لجهة مكناس ـ افران  السيد عبد الجبار العشاب ،في ركن حوار على نار هادئة، لمناقشة معيقات التنمية المحلية بالحاضرة الاسماعيلية ، وحقيقة المؤهلات الاقتصادية للمدينة، ودور النخب المحلية في تحقيق الاقلاع التنموي لساكنتها.

ـ ماهو تقييمكم للظرفية الصعبة التي يمر منها الاقتصاد الوطني عموما ،والاقتصاد المحلي خاصة؟

نعرف جميعا الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها العالم اليوم، بسبب تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي ودفعه للانكماش، والتأثيرات السلبية للحرب الروسية الاوكرانية ،وانعكاساتها على اقتصاد الدول، وبلادنا من بين هذه الدول التي تأثرت بكل هذه العوامل ،وجهة فاس مكناس على وجه الخصوص، تعاني ساكنتها من هشاشة البنيات التحتية والتنموية …، وبالنسبة للحاضرة الاسماعيلية مكناس فإنه للأسف الشديد، كان يجب أن يكون هناك عمل هيكلي مسبق على جميع المحاور، من أجل إمتصاص صدمة هذه الأزمة، والسبب وراء ذلك هو التراخي والصراعات السياسية المجانية  بين مختلف الفاعلين على حساب مصلحة المدينة ، بالإضافة إلى عدم وجود استراتيجية ورؤية واضحة ومتكاملة لمنظومة التنمية المحلية، تحدد الاولويات وتعمل على توظيف مختلف المؤهلات الطبيعية والصناعية والفلاحية والثقافية والبشرية …،بالإضافة إلى غياب إرادة فعلية لدى الفاعليين المحليين.

ـ ماهي الاسباب الحقيقية ذاتية والموضوعية لهذه الأزمة ؟

الأسباب كثيرة ومختلفة ،منها ماهو ذاتي يرجع بالأساس الى ضعف أداء بعض النخب السياسية المسؤولة بالدرجة الاولى على تدبير وتسيير شؤون العاصمة الاسماعيلية، لأن مختلف المدن أخدت نصيبها من الإمكانيات المالية الضخمة، واستفادت من البرامج الحكومية الكبرى، بفضل ترافع نخبها بالبرلمان ،وجودة أداء منتخبيها على الصعيد المحلي والجهوي، ولعل فشل المسؤولين عن تدبير ملف “مكناس الكبير ” خير دليل على ماأقول، لهذا يجب أن نشتغل على مشاريع واضحة ومدروسة بشكل جيد، وبأداء جماعي لكل الفاعلين وبتنسيق مع مختلف الفاعلين، لأن النتيجة التي نطمح اليها هي تحقيق التنمية وبمعدلات مرتفعة،  كما يجب أن نترفع على كل الصراعات والمزايدات السياسية، التي عصفت بمختلف المبادرات التنموية السابقة .

ـ ماهي الوصفة التي بإمكانها اخراج منظومة التنمية بمكناس من عنق الزجاجة؟

لا يخفى على أحد أن المدينة السلطانية مكناس، تتوفر على العديد من المؤهلات الواعدة ،إذ لم نقول كل المؤهلات الطبيعية والبشرية والثقافية ..،التي تمكننا من وضع خارطة الطريق الخاصة بالاقلاع التنموي للمدينة،شريطة التوافق والالتقائية في الافكار والبرامج،وتوفير مناطق صناعية وبنيات تحتية أساسية تساعد على جلب الاستثمارات لابناء المدينة.

ـ هناك تعثر كبير في إخراج مشروع تثمين المدينة العتيقة للوجود،ماهي الاسباب في نظركم؟

Ad image

كما تعلمون أن مشروع تثمين المدينة العتيقة هو مشروع كبير ورؤية ثاقبة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وايده، بل هي فلسفة ملكية تسعى إلى رد الاعتبار للموروث الثقافي والتاريخي والحضاري للمدن المغربية ،ومن بينها المدينة السلطانية مكناس، ودمجها في المحيط الاقتصادي والتنموي، حتى تلعب دورها في المجال السياحي والثقافي ،وتكون بالتالي نقطة جدب ومحور الازدهار الاقتصادي والرواج التجاري بالعاصمة الاسماعيلية، كما هو الحال ببعض المدن بإسبانيا وتركيا..، لان هذه المدن التاريخية المغربية ،هي عبارة عن متاحف توفر خدمات ثقافية وتاريخية وعمرانية للمملكة، وبإمكانها سرد حكاياتها وقصصها التاريخية للزائرين، بشكل يليق بمكانتها الاعتبارية، كما أن ترميم المدينة العتيقة بمكناس يتطلب أبحاث ميدانية وتقنية دقيقة…، لكن بالفعل يسجل نوع من التأخر في بعض الابواب والأسوار التي يعاد ترميمها، والتي تتطلب كذلك إنارة خاصة ومساحات خضراء بجانبها وتوفير العديد من الخدمات للتعريف بها ..

ـ كيف ستساهم المدينة العتيقة في التنمية المحلية؟

لا أخفيكم أن الترويج السياحي بالمدينة ضعيف جدا،مقارنة بالمدن السياحية الاخرى كمراكش وطنجة والرباط والصويرة وأصيلة..، فعندما كنت أشغل منصب رئيس  سابق لاتحاد مقاولات المغرب بجهة مكناس ـ افران ،أنجزت فيلم وثائقي حول مؤهلات وتاريخ مكناس ،ايمانا مني بضرورة التعريف بالموروث الثقافي والحضاري للمدينة، وتوظيفه كنقطة قوة لجدب الاستثمارات الاجنبية..، لقيت للأسف الشديد العديد من الانتقادات المجانية ،بدعو الاختصاص من عدمه ،لهذا فالسياحة هي صناعة اقتصادية يجب أن تستجيب للعرض والطلب ،كما أننا نعاني من نقص فظيع في توفير معايير الجودة في  بعض الفنادق والمطاعم والتعريف بالعديد من الرياضات بالمدينة العتيقة ،لهذا يجب أن نثمن هذا الموروث الحضاري والاعتناء به،وتوظيفه بشكل جيد من خلال المسرح والسينما ودو الشباب ،والعديد من المهرجانات الفنية والثقافية ،وخلق مهرجان للشباب لابراز مواهبه وابداعاته وابتكاراته، بتنسيق مع مدارس المنهدسين والفنون التشكيلية والابداعية والمؤسسات المهتمة،كما يجب على النخب السياسية الترافع حول الملفات الكبرى الخاصة بتنمية العاصمة الاسماعيلية.

Ad image

ـ ما هو رأيكم في إحداث منطقة صناعية بمنطقة ويسلان؟

سبق وان اشتغلت في السنوات السابقة مع السيد عامل الاقليم والمكتب الجهوي للاستثمار ،على إخراج هذه المنطقة الصناعية بويسلان الى حيز الوجود، بمواصفات حديثة وبشروط تحفيزية  تخص الاثمان والتسويق …،ايمانا مني بضرورة هذه المناطق الصناعية في النسيج الاقتصادي المحلي والجهوي والوطني،وانعكاساتها المباشرة على الدخل الفردي ومناصب الشغل خصوصا بمدينة ويسلان التي تعاني ساكنتها من قلة مناصب الشغل.

ـ ماهي الوصفة الطبية التي تقترحونها لمعالجة أوجاع الرياضة المكناسية؟

بكل تأكيد أن ضعف المجال الرياضي بمكناس، هو نتيجة للضعف الاقتصادي والتنموي الذي يصيب المدينة ككل، وينعكس على الاداء والنتائج ،بالاضافة الى ضعف التدبير الرياضي لدى بعض الفروع ،لكن ومع ذلك فالرياضة المكناسية تخلق الحدث من خلال كرة الطائرة والدرجات الهوائية والسلة ..،إذن يجب التأكيد على أن الرياضة المكناسية ،كما هو الحال بالدار البيضاء ..،تحتاج لأموال ضخمة واستثمارات في البنيات التحتية والتكوين والتأطير..، لجلب مستشهرين وممونين لها وبالتالي تحقيق البطولات والفوز بالكؤوس الوطنية والقارية كما هو حال فرق الرجاء البيضاوي والوداد البيضاوي ونهضة بركان..

كلمة أخيرة

إن تقوية صبيب التنمية المحلية بالعاصمة الاسماعيلية، يتطلب إرادة قوية للنخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويستوجب توفير كفاءات مهنية وعلمية وتدبيرية، تستطيع توظيف المؤهلات الاقتصادية والفلاحية والبشرية والثقافية والحضارية للمدينة السلطانية ،والترافع بشكل جيد حول الملفات والمشاريع الكبرى.