سلسلة يوميات حصار كورونا (الحلقة 1) :الأمل يولد من رحم اليأس.

بقلم :ذـ يوسف السوحي .

يواجه المغاربة هذه الايام حصارا اختياريا فرضه “فيروس كورونا ” بكثير من الحذر والخوف ،بالرغم من المجهودات الجبارة التي تقوم بها مؤسسات الدولة ،والمجتمع المذني كل من موقعه ،لكن على المغاربة أن يعرفوا أن مختلف الأمم  القوية التي تمتلك اليوم حضارة وموقع ريادي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي عالميا، خرجت من أزماتها أقوى ومتضامنة ،وجعلت من خوفها شجاعة للوقوف مع الذات وتنظيم الافكار واعادة التربية وتوظيف الوقت ،والعمل على تقوية البحث العلمي والاسستثمار في تكوين وتربية البشر،  ومن أبرز الاحداث التي عرفتها المملكة المغربية في القرن العشرين ،وتذكّرنا بما يحدث اليوم تعرض بلادنا للمجاعة سنة 1945، حدث شكل مادة روائية للكثير من الادباء وتناولته الحكايات الشفهية بأشكال مختلفة جدية وهزلية ،سمعنا من أبائنا وأجدادنا روايات حول هذا العام الذي لقبه المغاربة وأرخو  له باسم “عام الجوع” أو “عام بوهيوف”.سنة جعلت كل المغاربة يقفون على محدودية انتاجاهم الاقتصادي ونقصهم الغذائي و فرضت المجاعة على المغاربة تغيير عاداتهم الغذائية من خلال الإقبال على أكل الجراد والنباتات البرية كـ”الكرنينة والبقولة” ومطاردة القنافذ واللقالق لمقاومة بطش الجوع وتعويض النقص الحاد في المواد الغذائية التي تم استنزافها لتمويل المجهود الحربي الفرنسي خلال الحرب العالمية الثانية .

سنة  ولد معها الأمل في بناء مغرب قوي وحديث ،من رحم المعانات ،أزمة خرج منها المغاربة أقوياء،عرفوا عدوهم الحقيقي،واتحدوا لمواجهته عبر المقاومة وحركات التحرير المنتشرة في كل ربوع المملكة ،سنة حولها المغاربة ملكا وشعبا إلى إلى ثورات ضد  المستعمر ،وضد الفقر والجهل والمرض،عام الجوع كان حافزا للتخلص من مختلف القيود،قيود الرجعية والاستبداد ،لمعانقة الحرية والازدهار،بالفعل خلق أباؤونا الذين عاصروا هذه الكارثة الكثير من الثورات والمشاريع الكبرى ،واستطعوا تطوير الانتاج الفلاحي وتنويع الاقتصاد وبناء السدود وتأسيس الدولة العصرية كل من مكانه ومجال اشتغاله .

إنا أزمتنا اليوم مع فيروس كورونا تدفعنا للعودة إلى العديد من النصوص الكريمة التي تحث المسلمين على أن يعملوا مع بعضهم، ويتعاونوا على الخير،  لأن عمل الفريق يكون في الغالب أعظم إنتاجية من إنتاجية مجموع أفراده لو عملوا متفرقين، كما أن الإنسان يعمل بحماسة أكبر حين يكون مع جماعة منسجمة، ثم إن الاجتهاد الجماعي كثيراً ما يكون أقرب إلى التسديد من الاجتهاد الفردي، فلنمتثل للتعليمات والارشادات التي تجنبنا أخطار الفيروس ،ولنجعل من منازلنا هذه الايام منصة لمحاسبة الذات وترتيب الافكار والعودة للتاريخ …يتبع