تأهيل وتثمين ساحة الهديم والمدينة العتيقة بالعاصمة الاسماعلية …حلم يتأجل .

قلم الناس :

بقلم : ذ ـ يوسف السوحي

بات واضحا أن هناك مياه تجري تحت الجسر في مشروع انجاز برنامج تثمين المدينة العتيقة لمكناس ،والممتد من 2019 /2023 ،وأنا هناك عدة اكراهات واعطاب ذاتية واخرى موضوعية تحيط بخاصرة الساهرين على تسيير وتذبير هذا المشروع الضخم ،الذي تم توقيعه أمام أنظار جلالة الملك محمد السادس في مراكش اكتوبر 2018،بتكلفة مالية تقدر ب 800 مليون درهم ، وأنيطت مهمة انجازه لجماعتا مكناس والستينية  كصاحبتي مشاريع ترميم وتثمين المدينة العتيقة مكناس كل في دائرة نفوذهما الترابي بالإضافة إلى وكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس كصاحب المشروع المنتدب .

تأخر ملحوظ وتوقف للأشغال بعدة مشاريع يطرح أكثر من علامة استفهام حول هذا المشروع،الذي يراهن عليه المكناسيون والمكناسيات للخروج من عنق زجاجة التهميش والاقصاء الذي عبث بكل مقومات المدينة السلطانية، وبددا حلم ساكنة بأكملها في رؤية ساحة الهديم تنعم بمشروع ضخم وفي أحسن حلة ،فهل قدر العاصمة الاسماعيلية أن تتعثر فيها معظم المشاريع الملكية …؟

مشروع تثمين المدينة العتيقة لمكناس ،جاء  لتحقيق  عدد من الاهداف السامية أهمها :

  • ترميم وصيانة التـراث المعماري والحضري لمدينة مكناس التاريخية.
  • حماية ورد الاعتبار للمشاهد الحضرية التاريخية وفقا لتوصيات اليونسكو حول المدن التاريخية المسجلة على قائمة التـراث الثقافـي الإنساني؛
  • تهيئة وتأهيل المجالات الحضرية التاريخية بالمدينة العتيقة؛
  • توظيف التراث المعماري والحضاري لمدينة مكناس العتيقة في خلق دينامية سياحية واجتماعية وإدماجها في الدورة الاقتصادية للمدينة.

أهداف تحقق مبدأ الالتقائية مع برنامج عمل جماعة مكناس الذي تم الاعلان عنه سابقا ،خصوصا في رهان المجلس على  القطاع السياحي والبيئي وتوظيف التراث لتحقيق التنمية ،لكن واقع الحال للأسف الشديد يبيّن بالواضح أن مجمل محاور هذا المشروع لازالت متعثرة ،حبر على ورق ،خصوصا فيما يتعلق بمحور تحسين الجاذبية السياحية والاقتصادية للمدينة العتيقة، فعن اي تحسين يتحدثون ؟وساحة الهديم تغتصب أمام أعين  مجلس جماعة مكناس، ولا أحد يحرك الساكن ،بحيث اصبحت بكرتها مستباحة للفراشة والباعة المتجولين، والروائح الكريهة تفوح من جنباتها ، ولازال ربط مشروع تأهيل ساحة الهديم  بالتنمية الاقتصادية لساكنة المدينة العتيقة بعيد المنال ،اذ باستقراء صورة المشروع الخاص بساحة الهديم ،وحسب التصميم الهندسي المنجز من طرف مكتب الهندسة المعمارية، خلق جدلا موسعا عند بعض الساكنة المتضررة من المشروع ،اذ يتبين على أن المطالبة بإغلاق النوافذ السبعة المطلة مباشرة على ساحة الهديم المتواجدة بأجزاء الملكية العقارية رقم 59/63574 المثبتة بشهادة الملكية والتصميم الطوبغرافي وبمحضر التحديد النهائي الخاص بالرسم العقاري المذكور، الأمر الذي اعتبره العديد من المتدخلين مساس بقدسية حق الملكية العقارية، المكفول حمايته بمقتضى الفصليين 21 و35 من دستور 2011 ويشكل أيضا انتهاك صريح لمبدأ الحقوق المكتسبة في المعاملات المنصوص عليها في الفصل 456 قانون الالتزامات والعقود لكون النوافد السبعة متواجدة منذ أزيد من 100 سنة .

بالإضافة إلى أن جل الأبواب التاريخية للمدينة تحتضر ولازالت تنتظر بداية او انتهاء الاشغال :باب منصور،باب الخميس، باب البرادعيين،باب الرايس،باب  بريمة…،وأما القصور والفنادق  ( قصر المنصور،قصرصهريج السواني،قصر هري السواني…) فهي مهجورة، وبنايتها تتهاوى كل يوم،ولازالت تنتظر تنزيل هذا المشروع، والشروع العلي في عملية الترميم ..،أما السقايات التاريخية  المبرمجة : سقاية سبع عنانب ،سقاية لهديم ،سقاية سرايرية ،سقاية النجارين ،سقاية سيدي قدور العلمي …، فأصبح ماؤها غورا، وأضحت مطرحا للأزبال ومختلف النفايات ،وحالتها تدعوا للشفقة، وتدل دلالة قاطعة على مستوى مسيريها والمسؤولين عنها، وطبعا يبقى محور تحسين الولوج والسير بالمدينة العتيقة لمكناس وخلق مدار سياحي معلقا الى اشعار اخر، ومرتبط بإخلاء شارع السكاكين والهديم من الباعة الجائلين، وتنقيلهم في أسرع وقت نحو “سوق جميلية” وفتح بابين للسوق حسب مقتضيات المشروع، بالإضافة الى بقاء المشاريع المبرمجة مثل بناء مرأب تحت ارضي بباب الرحى ،ومرأب زين العابدين، مجرد أضغاث أحلام .

ساكنة مكناس تحلم بمشروع “لساحة الهديم” موسعة تضم فندق فخم ومتجر كبير يحتوي على مختلف العلامات التجارية ويسوق للمنتوجات المحلية، ويخلق  مئات من مناصب للشغل ورواج تجاري وسياحي تزينه باب منصور التاريخية وتربط ماضيه بحاضره.

Ad image

إن تعثر وتأخر مجمل محاور مشروع انجاز برنامج تثمين المدينة العتيقة لمكناس، مقارنة مع المدن الاخرى كمراكش وفاس…،حسب أحد الفاعلين الاقتصادين  سببها الاساسي غياب المقاربة التشاركية مع الساكنة وابراز الانعكاسات التنموية الايجابية علىهم، لأن الهدف من المشروع هو خلق رواج تجاري ومناصب للشغل وتنمية لهذه الساكنة، فعوض سياسة الترقيع التي تنهجها المجالس المنتخبة سابقا بالعاصمة الاسماعيلية، بخصوص سوق الهديم وساحة باب الرحى..،كان عليهم التفكير في بناء مركب تجاري ضخم بمواصفات وطنية ودولية، وتشييد فندق من الطراز العالي يراعي خصوصية المدينة العتيقة، ويحقق أهداف الاتفاقية المتعلق بتوظيف التراث المعماري والحضاري لمدينة مكناس العتيقة في خلق دينامية سياحية واجتماعية وإدماجها في الدورة الاقتصادية للمدينة.