الحقيقة الضائعة في حدوثة “القفة الرمضانية ” بمكناس .

قلم الناس :

بقلم : ذ ـ يوسف السوحي

أثارت عملية توزيع قفة رمضان لهذه السنة الكثير من الجدل في الشارع السياسي المغربي عموما، حيث وصل صداها إلى قبة البرلمان، في عز أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وعجز فقراء هذا الوطن عن تلبية الحد الأدنى من حاجياتهم الرمضانية ،وكشفت معها للأسف الشديد عن وجود خلل مجتمعي كبير، وأخطاء سياسية قاتلة للحكومات الملتحية السابقة عبر إجراءات “هيتشكوكية ” ،عند مساسها بالدعم المخصص لصندوق المقاصة، ورفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات، كما شكلت هذه العملية بالعاصمة الاسماعيلية نوع من المزايدات السياسية المجانية ، في حق المجالس المنتخبة ،سواء تعلق الأمر بمجلس جماعة مكناس أو بمجلس عمالة مكناس ،فهذه المجالس أخدت على عاتقها أن تساهم بمبلغ من ميزانيتها لشراء قفة رمضان ، بالرغم من ضعفها ، لمساعدة الأسر الفقيرة بمجمل أحياء وجماعات العاصمة السلطانية ،مساعدات غذائية كيفما كان حجمها فهي عند بعض الأسر المحتاجة فعلا لها، في غاية الأهمية، وتدخل في إطار المواد الاساسية لعيشها، وتكرس هذه العملية البعد الاجتماعي للسادة  رؤساء وأعضاء هذه المجالس المنتخبة ،في سنة ليست انتخابية، وحرصهم على تجويدها وتعدّدها خلال السنوات المقبلة..، إذن هي مبادرة إنسانية واجتماعية ،تأتي في ظروف إقتصادية صعبة، تستحق التنويه والتشجيع، إيمانا منا بمبدأ

” أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام “عوض التطبيل والتجيش والتنقيص من الاثار الاجتماعية لهذه العملية ،التي تبقى جزء من الكل ،فلا ننسى أن عدد من الجمعيات تساهم في عملية قفة رمضان ،انسجاما مع أهدافها ومبادئها، وفئة من المحسنين يبحثون عن الثواب في هذا الشهر الكريم ،وليس لأي شخص الحق في تقييم محتويات هذه العملية وتكلفتها المادية او المعنوية ،لأنها تبقى مبادرة انسانية واقعية ملموسة ، تتطلب مجهود إداري ومالي وبشري ، وليست مجرد خطابات سياسية رنانة أو عملية سهلة تحتاج في أحسن الأحوال تعبئة تليفونية …، كما أن هناك أحزاب سياسية تبادر في هذا الشهر المبارك إلى توزيع قفة رمضان ،مثل حزب التجمع الوطني للأحرار “قفة جود”، والتي تم بالفعل توزيعها بمكناس وبكل التنسيقيات الحزبية بكل المدن المغربية ،عكس ما يحاول البعض الترويج له ،كما أن حزب العدالة والتنمية بالعاصمة الاسماعيلية، يوزع القفف الرمضانية وغيرها خلال هذا الشهر ،بل تدخل هذه العملية في برنامجه الحزبي والسياسي ،ولعل ما قام به السيد عبد الله بوانو خلال ولايته السابقة بخصوص هذا الموضوع ،خير دليل على ما نقول ،بل إن هناك بعض المنتخبين ممن ينتمون لبعض الاحزاب المعروفة إنتخابيا بمكناس، أولئك الذين يأكلون مع الذئب ويبكون مع الراعي ،يوزعون القفف ببعض الأحياء السكنية ذات المردودية الانتخابية بدون رقيب ولا حسيب ،ويجدون مع كامل الاسف من يطبل لهم ولانجازاتهم ..

إن النقاش اليوم حول قفة رمضان ،ومحتوياتها وتكلفتها والجهة التي ورائها ، يأتي خارج السياق الوطني والدولي  ،وحق يراد به باطل ،لأن “حدوثة القفة الرمضانية ” لها تاريخ ببلادنا وتستمد مرجعتيها من ملك البلاد ،وهي بغض النظر على فلسفتها الخيرية والتضامنية ،الغرض منها  لفت الانتباه إلى هذه الفئات المهمشة ومحاولة التخفيف من حجم معاناتها ونفض الغبار على التفاوتات المجالية، بين مختلف الجماعات الترابية المكونة لعمالة مكناس ،بل بين ساكنة أحياء العاصمة الاسماعيلية نفسها ،والعمل على تصحيحها وتقويم مسارها والتخفيف من وطأتها وحجمها والحد من انعكاساتها الاجتماعية والاقتصادية ،وخلق برامج تنموية موازية تساهم في الرفع من مستوى عيش هذه الفئات الهشة، وتخرجهم من دائرة الفقر والعوز والتبعية …