إحتلال الملك العمومي بالبساتين مكناس…فوضى وعشوائية

قلم الناس

بقلم :ذ- يوسف السوحي

لا أحد ينكر  متانة العلاقة العاطفية التي تجمع بعض رجال السلطة بالاسواق العشوائية واحتلال الملك العمومي بالعاصمة الاسماعيلية  ،علاقة تقترب من الزواج الكاتوليكي في صيغتها ووثاقها ،سماتها الرشوة والمحسوبية والزبونية ،إذ بالرغم من الحديث عن تحرير الشارع العام ومحاربة ظاهرة احتلال الملك العمومي ،وبناء الاسواق النموذجية ،نجد أن واقع الحال بالعاصمة الاسماعيلية يكشف زيف هذه الخطابات ويكسر كل الشعارات ،فالاسواق العشوائية تنتشر كالفطائر بمعظم أحياء المدينة ،كان اخرها السوق الممتدة على طول السكة الحديدية بحي البساتين قريب من حي بوكرعة سابقا ،سوق يمثل بالفعل شعار الفوضى و”الفتونة” التي تبيح احتلال الملك العمومي ،وتسفه كل المجهودات المبدولة أفقيا وعموديا للتخلص من هذه الظاهرة المركبة ..، وما يحدث بالبساتين يحدث بحي الوفاق ،برج مولاي عمر ،البساتين،الزيتون،وجه اعروس،مرجان …،بالرغم من وجود أسواق نمودجية مهجورة ،يرفض الباعة الاستقرار فيها ..،

ظاهرة تتقاسم مسؤوليتها المجالس المنتخبة والجمعيات المعنية ،وتجارها ينشطون بكل حرية ،وامام أعين رجال السلطة،بل يمارسون ظواهر أخرى هامشية ومشينة  في هذه الاسواق مثل شرب الخمر والمخدرات ولا أحد يحرك الساكن ،بل الادهى والامر أن هذه العلاقة تتطور مع مر الزمن وتصبح أمرا مفروضا وحق يراد به باطل ،

لهذا فكل تلك التوصيات والتوجيهات التي عبر عنها السيد عبد الغني الصبار في حفل تعيين رجال السلطة الجدد بمكناس ،بخصوص تحملهم للمسؤولية والحكامة الجيدة في تدبير وتسيير شؤون الدائرة الترابية ،وحرصه على ربطها بعمق خطاب العرش والمفهوم الجديد للسلطة ،تصطدم بعقليات الغابة التي أصبحت تسود في هذه الاسواق ،وواقع الممارسة وطبيعة العلاقة التي خلفها رجال السلطة في دوائرهم قبل رحيلهم،خصوصا وأن بعضهم فاحة رائحة فساده قبل ان يغادر دائرته،كما ان احتلال الملك العمومي من طرف بعض المقاهي والمطاعم التي تعود ملكيتها للمنتخبين وبعض التجار المعروفين بالمدينة ،وحزبيين وجمعويين المنتصرين لشعار “باك صاحبي”  من شأنه تعقيد مهمة رجال السلطة الجدد،القادمين بثقافة وسلوكات أخرى ،ولعل خير دليل على مانقول ما يحدث اليوم في ملف إيواء الباعة الجائلين  “بسوق جميلية” من اختلالات وسمسرة وإقصاء ..،سنعود لهذا الملف الشائك في تحقيق مفصل يظهر حجم التلاعبات والمستفيدين من الكعكة .

إن ما يصبو إليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس من اصلاحات جوهرية تهم الشأن العام برمته،عبر صياغة نموذج تنموي مغربي جديد، وفق مقاربة تشاركية تؤمن بها كل الاطراف المتباعدة ،يحتاج في حقيقة الامر إلى تشبع المغاربة عموما بالمواطنة الحقة،التي تتطلب الامتثال للواجبات قبل المطالبة بالحقوق ،و التضحية قبل الاستفادة من المناصب والامتيازات،كما تستوجب من رجال السلطة بتعاون مع المجالس المنتخبة ،بحكم طبيعة اشتغالهم،ولكونهم يمثلون سلطة القرب ،أن يحرصون كل الحرص على تطبيق القانون والترفع على الفتات،والاقلاع عن ثقافة الرشوة والمحسوبية التي بفضلها أصبحت مدننا تعيش في فوضى وعشوائية تنعكس على التنمية بكل تجلياتها .