أقصبي يُـقدِّم للحُـكومة حلولا عملية لتخفيض أسْعار المحروقات

تواصل أسعار المواد الغذائية و غير الغذائية الإرتفاع بشكل صاروخي، وهو ما وضع القدرة الشرائية للمواطنين على المحك، خاصة مع جمود تدخل الحكومة لخفض الأسعار، وتبريرها المتواصل لهذا الإرتفاع بالوضع العالمي والحرب الأوكرانية الروسية وتداعياتها.

ويُعتبر سعرُ المحروقات العاملَ الرئيس المتدخل في أثمنة مُـختلف المواد والسلع نظرا لكونه يدخل ضمن الكلفة الإجمالية للمنتوج من خلال وسيلة النقل، وهو ما يجعلنا نتساءل عن الخيارات المتاحة للحكومة من اجل خفض الأسعار.

وفي هذا السياق، يرى الخبير الإقتصادي، نجيب أقصبي، أن “المحروقات هي التي تحرق المواطنين الآن وهي سبب ارتفاع أسعار بقية المواد، ما يعني أن الحل لخفض الأسعار موجود، إذ يجب أن تكون هناك حلول آنية مستعجلة، لأنه عندما يكون لدينا حريق في المنزل يجب أولا إطفاء الحريق”.

وأوضح قصبي في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “أول هذه الحلول هو تسقيف أسعار المحروقات، وقبله يجب أن يكون هناك تخفيض للأثمنة الحالية، لأن التسقيف في المستوى الحالي لا يطاق، وذلك من خلال تسقيف و تحديد الأسعار في مستوى أقل من الحالي، وهذا يعني أننا سنكون في عجز وبالتالي يلزمنا تمويل لهذا العجز”.

وأضاف أقصبي أنه “إذا  كان سعر المحروقات اليوم بـ16 أو 17 درهما، وحددنا في التسقيف أن لا يتجاوز الثمن 12 درهما  فهذا يعني ان هناك فرق يجب تمويله، إذ يبقى السؤال مطروحا عن ماهي إمكانيات التمويل المتاحة للحكومة”.

ولفت الإنتباه إلى أن “الحكومة تطرح دوما مسألة عجز المالية في مقابل هذا الملف، وأن الضرائب لا يمكن التخلي عنها لأنها مصدر تمويل الخزينة، وغيرها من الخطابات التي تتحجج بها الحكومة، إلا أن الأرقام تؤكد على أن كل الفاعلين يجب أن يساهموا في هذا التخفيض، بين الدولة والشركات والمستهلك، بينما في الوضع الحالي نجد أن المستهلك هو الذي يتحمل العبء الثقيل، والرابح هو الشركات والدولة”.

وأشار إلى أنه “كلما ارتفع السعر كلما ارتفعت معه الضريبة على القيمة المضافة، إذ أن هذه الضريبة بالنسبة للمحروقات هي 10 بالمائة وهي مضافة على قيمة المنتوج، وعندما كان السعر 10 دراهم للتر الواحد كانت الدولة تكسب درهما عن كل لتر، والآن عندما وصل إلى 15 و16 درهم فهي تربح من 1.5 إلى 1.60 درهم، بالتالي فالدولة تربح أيضا،  وهذا أمر غير معقول”.

وتابع أقصبي أنه “عندما نتحدث عن مساهمة جميع الفاعلين في حال تسقيف وتخفيض الثمن ومعه العجر، فإنه من غير المعقول أن تربح الدولة في مثل هذه الحالات، وعليها أن تقلص من مجموع الضرائب على المحروقات، الموزعة بين  الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الاستهلاك الداخلي “TIC” وهي مدرجة على كل لتر من المحروقات، والتي قال فوزي لقجع إنها بين 37 و47 إلى 50 بالمائة”، معتبرا أن هذا “مستوى غير معقول وصادم، بأن يرى المواطن الدولة تجني الأرباح في ظل الوضع الراهن”.

وشدد المتحدث على أن “هذا لا يعني أن لا تأخذ الدولة الضرائب، ولكن هذا إجراء استعجالي واستثنائي بناء على مبدأ المساهمة من طرف جميع الفاعلين، بحيث على الدولة أن تقلص من مجموع الضرائب المفروضة على المحروقات، وهذا قرار سياسي وليس ماليا أو تكنوقراطي، من خلال التخلي عن هذا الثراء”.

وأكد على أنه “يجب على الدولة أن تتوجه إلى الفاعل الآخر، وهي الشركات التي جنت أرباحا فاحشة من المحروقات الوتي قدرت بـ45 مليار، ومن المعقول أن ترد هذه الشركات ولو جزءً من هذه الأرباح الفاحشة، من خلال فرض الدولة عليها ضريبة استثنائية الهدف منها استرجاع جزء من الاٍرباح الفاحشة، وهي ضريبة ليست خارجة عن القانون أو هي سرقة لأموال  الناس، بل هو ريع وأرباح فاحشة وموثقة بالأرقام، بحكم احتكار السوق”.

وخلص أقصبي إلى أن “الوضع اليوم يظهر وجود 6 او 7 دراهم زائدة على الأثمنة التي كانت قبل 3 أشهر تقريبا، إذ يمكن للفاعلين الثلاثة، الدولة والشركات والمستهلك، أن يتحمل كل واحد منهم جزءً من هذه الزيادات بصفة معقولة ومنصفة وبالطريقة التي تكون يفها مساهمة الجميع، بحيث تعطي الشركات 3 دراهم والدولة 2 إلى 3 دراهم والمستهلك يساهم بدرهم واحد أو درهمين، وهذا سيعبر عن إرادة جماعية لتجاوز الأزمة وخفض الأسعار”.