قلم الناس: متابعة
عرفت العلاقات المغربية الألمانية تطورا لافتا خلال الفترة الأخيرة، في ظل اهتمام متزايد من برلين بدعم مشاريع استراتيجية في المملكة، خاصة تلك المرتبطة بالصناعة البحرية وتحديث البنية التحتية في مجالات الطاقة والنقل.
ووفقًا لتقارير إعلامية محلية نقلا عن مصادر مطلعة، فإن مفاوضات جارية بين الجانبين تهدف إلى إطلاق مشاريع كبرى تشمل إنشاء محطات لتوليد الكهرباء بالغاز، وبناء منشآت للغاز الطبيعي المسال، ومد خطوط أنابيب، ضمن ما وصفته الصحافة الوطنية بـ”صفقة القرن” نظراً لحجمها الاستثماري وطابعها الاستراتيجي.
بيانات حديثة صادرة عن الهيئات الاقتصادية الألمانية تؤكد اهتمام المغرب بجذب استثمارات أجنبية في مجالات حيوية مثل صناعة بناء السفن، وتطوير قدرات التخزين الكهربائي، وهي ميادين تمتلك فيها ألمانيا خبرات متقدمة وتقنيات رائدة على المستوى العالمي، ما يجعل الشراكة المحتملة بين البلدين خيارًا متكاملًا ومربحًا للطرفين.
وتفيد مصادر اقتصادية بأن مباحثات مباشرة انطلقت فعليا بين فاعلين صناعيين مغاربة ومؤسسات ألمانية متخصصة، في مسعى لتحويل المملكة إلى مركز إقليمي لصناعة السفن وصيانتها، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي والبنية التحتية المينائية المتطورة.
وفي هذا السياق، يرى محللون اقتصاديون أن الحديث عن “صفقة القرن” ليس من باب المبالغة، بل يعكس تطابقًا في الرؤى بين الطرفين، خاصة مع اقتراب مواعيد كبرى مثل كأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030، وما يرافقهما من حاجة إلى بنى تحتية حديثة ومؤمنة طاقيًا.
يشار إلى أن المغرب يمتلك تقاليد بحرية تاريخية، وراكم خبرات مهمة في مجال النقل والصيد البحري، مستندا إلى أساطيل متطورة وموانئ حديثة من أبرزها ميناء طنجة المتوسط، إلى جانب مشاريع قيد الإنجاز مثل ميناء الداخلة الأطلسي.
ويؤكد خبراء أن اختيار ألمانيا كشريك ليس وليد الصدفة، بل يستند إلى تجارب ناجحة سابقة، خاصة في قطاع السيارات، حيث تحولت المملكة إلى منصة إنتاج وتصدير إقليمية بفضل تعاون مثمر مع المصنعين الألمان، ما يعزز إمكانية تكرار النموذج في القطاع البحري.
وبخصوص التحديات المرتبطة بتوفير الكفاءات، يبرز سجل المغرب في تكوين الموارد البشرية في صناعات دقيقة مثل السيارات والطيران، ما يفتح المجال أمام نجاح مماثل في قطاع بناء السفن، لاسيما مع توفر الإرادة السياسية والدعم المؤسساتي اللازمين.
ويرى المراقبون أن المغرب بات مهيأ من حيث التمويل والبنية التحتية والموارد البشرية للانخراط في هذه الدينامية الصناعية الجديدة، وأن التعاون مع ألمانيا قد يشكل رافعة قوية نحو تحقيق طموحات المملكة في إعادة إحياء صناعتها البحرية وتعزيز استقلالها الطاقي.
إرسال تعليق