د .أيمن عقيل يكتب: هل يٌلغي مؤتمر اتفاقيات جنيف؟

  • الكاتب : أيمن عقيل
  • بتاريخ : ديسمبر 5, 2024 - 8:16 م
  • الزيارات : 32
  • قلم الناس :خارج الحدود/ مصر

    كلفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار الوارد في الوثيقة ( A/ES-10/L.31/Rev.1) الاتحاد السويسري بتنظيم مؤتمر يضم 196 دولة، وهم الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقيات جنيف، ومن المقرر أن ينعقد المؤتمر في مارس 2025 وجاء اختيار سويسرا لانعقاد المؤتمر باعتبارها الدولة المودع لديها اتفاقيات جنيف، وستكون مدينة جنيف مقر انعقاد هذا المؤتمر، وفقا لما دعت إليه الفقرة الثانية عشر من القرار السابق، الذي دعا إلي عقد مؤتمر يركز على التدابير اللازمة لتنفيذ اتفاقيات جنيف في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية وضمان احترام هذه الاتفاقيات، وفقاً للمادة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع.
    لكن من وجهة نظري هناك اشكاليتين يعترضان طريق المؤتمر، الإشكالية الأولي إنه لن يفضي إلى نتائج ملزمة ومن غير الواضح إذا كان سيشمل مشاركة المجتمع المدني أو سيقتصر على الوجود الدبلوماسي المتمثل في الدول الأطراف. الإشكالية الأخرى هي الاحتمالات القائمة لإلغاء المؤتمر في ظل الضغوط التي قد تفرضها إدارة الرئيس ترامب على الحكومة السويسرية. وهي ضغوط أتمنى ألا تخضع لها سويسرا خاصة إن انعقاد المؤتمر يأتي في الوقت الذي يٌحتفي فيه بـ الذكرى الخامسة والسبعين لاتفاقيات جنيف، وهي الاتفاقيات التي تمثل الركيزة الأساسية للقانون الدولي الإنساني، وتهدف إلى حماية الأشخاص المتضررين من النزاعات المسلحة بشقيها الدولي وغير الدولي. وكانت ثلاث مؤتمرات مماثلة قد عُقدت في سويسرا في السابق آخرها المؤتمر الذي عقد في جنيف في عام 2014، بعد اجتماعات أخرى في عامي 1999 و2001. وفي عام 2014 لم تحضر إسرائيل والولايات المتحدة الاجتماع.
    وحاولت إسرائيل في السابق ابعاد سويسرا عن تنظيم هذه المؤتمرات، لكنها لم تنجح في ذلك. وفي مؤتمر عام 1999 جرى تأجيل المؤتمر بعد أربعين دقيقة من افتتاحه لأجل غير مسمى ومن المثير للتأمل إن موعد انعقاد مؤتمر مارس 2025 سيكون بعد تولي الرئيس الأمريكي المٌنتخب دونالد ترامب الذي سيتولى السلطة رسميا في 20 يناير 2025، لذلك من الوارد أن تمارس إدارة ترامب ضغوط أكبر على سويسرا من أجل إلغاء المؤتمر أو على الأقل تفريغه من مضمونه خاصة بعد تهديدات ترامب بأنه سيحول الشرق الأوسط إلي جحيم في حال لم يتم إطلاق جميع الرهائن المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة لذلك يبقى احتمال إلغاء المؤتمر قائما، إذا استجابت سويسرا للضغوط الأمريكية والإسرائيلية.
    إن احتمال إلغاء المؤتمر سيمثل في رأيي انتكاسة للجهود المبذولة للالتزام بمبادئ القانون الدولي الإنساني في النزاعات المسلحة. وهو ما يفرض تحديات مختلفة على تطبيق هذه الاتفاقيات التي وللأنصاف ورغم انهيارها في غزة ومناطق أخرى مثل السودان وسوريا. أنقذت عددًا لا يقدر من الأرواح، وخففت المعاناة على المدنيين في اشد الحروب قسوة، لذلك يبقى الالتزام بهذه المبادئ من أطراف النزاعات المسلحة ضرورة لا يمكن التخلي عنها أو فقدان الأمل فيها. وحال أقيم أمل بشكل شخصي ان يفضي هذا المؤتمر إلى حلول جذرية وليس مجرد أحبار تٌهدر على ورق ومخرجات غير قابلة للتنفيذ.

    هل يٌلغي مؤتمر اتفاقيات جنيف؟