د. أيمن عقيل يكتب :أوروبا وفوبيا اللاجئين.. البلد الثالث ليس حلا

قلم الناس:متابعة من مصر

بقلم / أيمن عقيل

هناك هوس يستهدف اللاجئين في الدول الأوروبية والهوس الذي أكتب عنه هو الاندفاع غير المحسوب نحو شيطنة كل ما لاجئ أو طالب لجوء، أو ملتمس لجوء، وهذا الهوس كانت بدايته معلومات مضللة مارسته الأحزاب اليمنية في الدول الأوربية التي اعتبرت أن لا مكان للاجئين والمهاجرين في دولهم.
وشيئا فشيئًا تبنت بعض الحكومات هذه المعلومات المضللة، التي تحولت إلي خطابات كراهية وروايات مضللة ضد هذه الفئة الذي لم تغادر بلادهًا إلا هربًا من ظروف الحروب والفقر والعوز. لكن التطورات الأخيرة هي الأكثر خطورة فهذه الخطابات التي انتشرت في المجال العام في الدول الأوروبية تحولت لأفعال وسياسات فعلية أقدمت عليها بعض الدول الأوروبية .
لعل أحدث الأمثلة التي تدعم المسار الحالي الرافض للاجئين في أوروبا هو ما اقترحته الحكومة السويدية في سبتمبر 2024 من تقديم منحة تصل إلي 30 ألف دولار لكل مهاجر أو لاجئ يوافق على العودة الطوعية إلى دولته الأصلية، ويتخلى عن إقامته القانونية في الدولة ويوجد في السويد 258 ألف لاجئ مسجلون لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وفقا لإحصائيات فبراير 2024. قد يطرهم التضييق وحرمانهم من بعض الخدمات إلي القبول بالمقترح المزمع تطبيقه بداية من يناير 2026.
خطط أخري في القارة الأوروبية يتصاعد تبنيها من الحكومات تتعلق بمفهوم ” البلد الثالث الآمن” وقد خططت حكومة المملكة المتحدة إلي إعادة توطين اللاجئين لديها في دولة ثالثة وهي رواندا وعقدت اتفاقًا تبنته ثلاث حكومات بريطانية متعاقبة لكن رفضته الحكومة الحالية برئاسة ” كير ستارمر”. وقد اعتبرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والمحكمة العليا في المملكة المتحدة إن خطة رواندًا غير قانونية وإن شروط البلد الآمن لا تتوافر في الدولة الأفريقية.
النمسا دولة أخرى لديها نفس النوايا لترحيل اللاجئين إلى دولة ثالثة وفي نوفمبر 2023 أبلغ وزير الداخلية النمساوي ” كارنر” الصحفيين إن دولته تخطط إلي نقل اللاجئين لديها إلى دولة ثالثة. الرجل يبدو إنه تراجع حتى عن فكرة مفهوم البلد الثالث الآمن وفي 24 مارس 2024 دعًا إلى ترحيل اللاجئين السوريين والأفغان إلى بلادهم متخليًا عن اتفاقًا قد ينقلهم إلى دولة ثالثة.
معلومات أخري تتواتر في الوقت الحالي بإن الحكومة الألمانية ماضية في إقناع دول الاتحاد الأوروبي لتبني اتفاقيات لترحيل اللاجئين إلى دول ثالثة. كل هذه الخطط والإقتراحات واللاجئين في الدول الأوروبية مفعول بهم.
لكن كل هذه الخطط تتعارض بشكل صريح مع اتفاقية عام 1951 الخاص بوضع اللاجئين والتي صادقت عليها معظم الدول الأوروبية. كمان يتناقض مع المادة 38 من التوجيه EU/32/2013 الخاص بالبرلمان الأوروبي الذي خلص إنه لا يمكن وصف بلد ثالث باعتباره آمنا إلا عند استيفاء الشروط الأساسية المتعلقة بسلامة وحماية المهاجرين بما في ذلك اللاجئين في البلد. كما يٌناقض الاستنتاجات الذي وصل إليها المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين بأن مفهوم البلد الثالث الآمن يتحدد على أساس كل حالة فردية مع وجوب أن تتاح للاجئين فرصة الطعن إذا كانت البلد الذين سيرحلون إليها آمنة أم لا؟ في النهاية نقول لأوروبا إن فاض بكم الكيل من اللاجئين وأصبحتم لا تتحملون عبء وجودهم في بلادكم فأبذلوًا ما استطعتم من جهد ومال لإنهاء الحروب في الشرق الأوسط والمنطقة العربية وافريقيا وأوقفوًا امداد أطراف النزاعات المسلحة بالسلاح والذخيرة.