انتخابات ممثلي المأجورين… أو الانتخابات التجريبية.. على قياس الامتحانات التجريبية…
انتخابات ممثلي المأجورين… أو الأرقام المسكوت عنها…
قبل حوالي أسبوعين.. أعلن وزير التشغيل عن انتخابات ممثلي المأجورين.. والغريب هو الصمت المريب الذي أعقب ظهور النتائج.. رغم الضجة التي حدثت بسبب تأخر الوزير في إظهارها…
وإذا نحن جاوزنا ما كتب عن فقدان نقابة “العدالة والتنمية” لتمثيليتها.. والعقاب الشديد الذي تعرضت له من قبل الناخبين، سواء منهم العاملون بالقطاع العام أو القطاع الخاص… فإننا نقابل بصمت مريب على باقي النتائج… صمت غير مفهوم رغم أن هذه الأرقام تقول الشيء الكثير، هذا إن صدقنا هذه الأرقام.
فماذا تقول هذه الأرقام؟؟ وما المسكوت عنه؟؟؟
– الكونفدرالية الديمقراطية للشغل: إنذار التراجع
أول ملاحظة سيخرج بها أي ملاحظ محايد لنتائج انتخابات 2021 ومقارنتها بانتخابات 2015 … هي التراجع الحاصل بين النسبة التي حصلت عليها هذه المركزية في كل من القطاعين العام والخاص، حيث انتقلت من 9,27% إلى 7,20%… أي أن التراجع كان بنقطتين… بحوالي 20%… وقد واكب هذا التراجع… تراجعاً في المؤسسات العمومية، تمثل قطاعاتٍ اجتماعيةً جد مهمة… مثل الجماعات الترابية… بل إنها احتلت، في المؤسسات العمومية، الرتبة الثالثة (دون احتساب الـ: بدون) خلف كل من الاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد العام للشغالين.. أما في القطاع الخاص، فقد احتلت المرتبة الرابعة (ودائما دون احتساب الـ: بدون) خلف كل الاتحاد العام للشغالين والاتحاد المغربي للشغل والاتحاد الوطني الشغل.
إن هذه الأرقام… وهذه الرتب… وهذه الأصوات تسائل بالفعل مسؤولي الكدش… وتدفع للبحث عن أسباب التراجع… وعلاقة ذلك بضبابية الخط الذي اختطته قيادة الكدش… وكذا علاقة ذلك بالصراعات والمعارك الداخلية التي طفت على السطح عشية هذه الانتخابات… دون أن ننسى علاقة ذلك بالخلافات الكبرى التي ظهرت بين مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي… باعتبار مناضليها هم عماد الكدش…
المهم هذا التراجع.. هو بمثابة ضوء أحمر.. وإشعار إنذار.. على الجميع الانتباه إليه.. ودراسته بكل حيادية وموضوعية…
– الاتحاد المغربي للشغل: هل هو استيقاظ مركزية أم هو دوپّاج أخنوش وخلْفَه الپاطرونا؟؟؟
وأنت تقوم بمقارنة بين نتائج انتخابات 2015 وانتخابات 2021 .. ستقف على نفس الملاحظة الخاصة بالكدش… وذلك بخصوص النتائج العامة للقطاعين العام والخاص.. فالاتحاد المغربي للشغل تراجع هو الآخر بحوالي نقطتين.. من 17,67%.. إلى 15,48%… وإن كانت نسبة التراجع أقل من نسبة الكدش… وفي المقابل نلاحظ هذه العودة القوية للـUMT إلى قطاعات كانت محسوبة على الكدش (كالتعليم مثلا).. بل إنها استطاعت الحصول على المرتبة الأولى (ودائما دون احتساب الـ: بدون) في كل من الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية.. واقتربت كثيرا من الكدش في الإدارات العمومية… وفي المقابل جاءت المفاجأة من القطاع الخاص… حيث وجدت نفسها خلف الاتحاد العام للشغالين.. فيما يمكن اعتباره مفاجأة حقيقية…
هذا التقدم الذي عرفته الـUMT، يجعلنا نطرح سؤالا عن مدى استفادة هذه المركزية من تحالفها مع الپاطرونا بصفة عامة.. ومع أخنوش بصفة خاصة.. وهذا التساؤل سيصل بنا إلى سؤال آخر: ما مدى تأثير هذه النتائج على نتائج الانتخابات الترابية المقررة يوم 8 شتنبر.. وهل سيتسفيد أخنوش وحزبه من أصوات قواعد هذه النقابة؟؟
– الاتحاد العام للشغالين: مفاجأة هذه الانتخابات
فهي المركزية الوحيدة التي لم تعرف تراجعا.. بل العكس هو الذي حصل.. فهي المركزية الوحيدة التي عرفت نتائجها تطورا جد ملحوظ.. تطور قارب الـ5 نقط.. إذ انتقلت من 7,57% سنة 2015 إلى 12,56% سنة 2021 … والمفاجأة أتت من القطاع الخاص حيث احتلت المرتبة الأولى (ودائما دون احتساب الـ: بدون)… هذا التقدم يضعنا أمام الرأي الذي يقول إن المنافسة في الانتخابات القادمة ستكون بين حزب الاستقلال.. والتجمع الوطني للأحرار… وهذا راجع لكون الاتحاد العام للشغالين يعتبر المركزية النقابية الوحيدة التي عرفت هذا التقدم بين 2015 و2021… بل المركزية الوحيدة المسنودة سياسيا بحزب سياسي، التي تعرف هذا التقدم.. في الوقت الذي تراجعت كل المركزيات المدعومة سياسيا من طرف أحزاب سياسية.. بما في ذلك الكدش…
– الاتحاد الوطني للشغل: الجريمة والعقاب
كما كان متوقعا.. وأمام الجرائم الكبرى التي ارتكبها الأب الروحي لهذه المركزية.. حزب العدالة والتنمية.. في حق عموم المأجورين بصفة خاصة.. والمواطنين بصفة عامة.. مرورا بالتقاعد.. وصولا إلى اتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني.. كان العقاب المنتظر… في انتظار العقاب الأكبر.. عقاب انتخابات 8 شتنبر… عموم الموظفين والمأجورين وبالخصوص الذين شاركوا في انتخابات المأجورين.. صوتوا تصويتا عقابيا على نقابة العدالة والتنمية.. وكان العقاب صارما.. فتم إزاحة التمثيلية النقابية المركزية عنها.. حيث لم تصل إلى نسبة 6%… كما تمت إزاحة هذه التمثيلية في العديد من القطاعات وعلى رأسها قطاع التعليم.. الذي كان يعتبر رأس رمح هذه المركزية..
– الفيدرالية الديمقراطية للشغل: ويستمر السقوط والانهيار
بعد سقوط 2015.. ظنت نقابة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.. أن الأمر مجرد كبوة جواد.. وظنت أنها ستتجاوز هذه الكبوة.. خاصة وأن حزبها مشارك في الحكومة.. مع ما تسمح به المشاركة الحكومية من مكاسب نقابية.. ولكن المأجورين كان لهم رأي آخر.. دفع مركزية الاتحاد الاشتراكي إلى مزيد من السقوط.. إلى تجاوز القاع إلى قاع القاع… وهكذا لم تتجاوز هذه المركزية نسبة 1% إلا بالكاد وبشق الأنفس لتصل إلى 1,18%.. وقد تعلن انتخابات 2026 عن الموت النهائي لهذه المركزية..
– البدون: ويستمر التمييع
تمييع العمل النقابي بعد تمييع العمل السياسي.. بدون أدنى مفاجأة، استمرت هيمنة المرشحين اللامنتمين… أي بدون انتماء نقابي.. لترتفع نسبتهم من 49,79 % سنة 2015 إلى نسبة 51,35%.. متجاوزين حاحز النصف… بل إنهم في القطاع الخاص تجاوز عددهم عدد المركزيات النقابية الخمس الأولى.. حيث حصل البدون على 22213 مندوبا.. فيما المركزيات الخمس الأولى لم يصل عدد مندوبيها جميعا 14865… وهذا الرقم يقول الشيء الكثير.. ولعل أهم ما يقوله “الحرب المعلنة على العمل النقابي بالقطاع الخاص”، حيث يتم مواجهة أي تأسيس لمكتب نقابي بالطرد الجماعي.. تحت سمع وبصر المسؤولين.. هذا هو التفسير الأول لهذا الاكتساح للبدون.. أما التفسير الثاني فهو أن أغلب الشركات وعموم الپاطرونا وتهربا من العمل النقابي وفي نفس الوقت انضباطا منهم لبعض مواد مدونة الشغل.. وخاصة مسألة انتخاب مندوبي الأجراء.. يعملون على إجراء انتخابات شبيهة بانتخابات دول العالم الثالث، حيث نسب 99,99% ويعينون من يمثل المأجورين.. وهكذا يضمنون من جهة ولاء المندوبين.. ومن جهة ثانية يمارسون ديمقراطية الڤيترينا… أما التفسير الثالث، فهو العزوف عن العمل النقابي وعدم إيمان فئة واسعة من المأجورين بالعمل النقابي أو على الأصح خوفهم من العمل النقابي وتبعاته وخاصة محاربة الپاطرونا وأرباب العمل له..
المهم الخلاصات الكبرى من انتخابات مندوبي الأجراء في القطاعين العام والخاص هي:
– تراجع الثقة في الأذرع النقابية السياسية
– العقاب الكبير لنقابة العدالة والتنمية
– استمرار تقدم أصحاب بدون انتماء نقابي
– عودة الاتحاد المغربي للشغل لفرض هيمنته
– تراجع الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في مجموعة من القطاعات
– الانهيار التام للفيدرالية الديمقراطية للشغل
– الاتحاد العام للشغالين نقابة حزب الاستقلال أو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة
– انطلاق الصراع بين حزبي الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار من الساحة النقابية