قلم الناس : متابعة
كشفت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها في تقريرها السنوي لسنة 2023، على واقعا مزريا لمظاهر تفسي الفساد بالمجتمع المغربي.
وأكد التقرير استمرار الوضع غير المرضي لمستوى تفشي الفساد في البلاد، نتيجة شبه ركود مند إدراج المغرب في مؤشرات الفساد العالمية، على مدى أزيد من عقدين، إذ أن تنقيطه لم يرتق إلا بنقطة واحدة وعرف تراجعا في ترتيبه، إضافة تراجعه في المؤشر الفرعي المتعلق باستقلالية القضاء (10/4.8) نقطة، وفي المؤشر الفرعي المتعلق بحرية الصحافة (10/3.44) نقطة، وفي المؤشر الفرعي المتعلق بالخدمات عبر الأنترنيت (10/3.8) نقطة.
وشددت هيئة النزاهة على أن تربع الفساد رأس العوائق التي تحول دون تحقيق التنمية، وهو المؤدي لسوس استخدام السلطة وانعدام الثقة وتفشي المحسوبية والزبونية والامتيازات غير المستحقة، ويحد من القدرة على الانتاج ويخرق مبدأ الاستحقاق، ويقتل المبادرة الفردية ويحد من الطاقات، إضافة إلى تعزيز الاقتصاد غير المهيكل والاختلالات المصاحبة له.
ويؤدي الفساد المنتشر بالمجتمع المغربي حست ذات التقرير إلى توسيع دائرة اقتصاد الريع، وتقوض الاستثمار بإعاقة النمو الذي يقوده القطاع الخاص (الاستثمار يمكن أن يكلف ما يناهز 20% أكثر في بلد يتفاقم فيه الفساد)، ناهيك عن تركيز الاقتصاد والحد قدرات التحصيل المتكافئ للضرائب، وتبديد الموارد، مؤكدا أن التراجع بنقطة واحدة في مؤشر الفساد، يؤدي إلى تقهقر الإنتاجية ب 2% من الناتج الداخلي الخام.
وأكدت هيئة محاربة الفساد احتلال الفساد المرتبة الثامنة من بين العوائق الرئيسية أمام المقاولات في المغرب، بينما يمثل المرتبة السادسة بالنسبة للمواطنين القاطنين والمرتبة الثانية بالنسبة للمغاربة المقيمين في الخارج، مشيرة في دراسة أجرتها على 1100 مقاولة، تعرض 23 في المائة من المقاولات المذكورة لشكل من أشكال الفساد خلال 12 شهر الماضية، وإقرار بارتفاع ظاهرة الفساد خلال السنتين الماضيتين.
وأشارت ذات الهيئة إلى أن أن مجال الرخص والمأذونيات والتراخيص، ومجال الصفقات، ومجال التوظيف، ومجال الدعم المقدم من طرف الدولة للشركات والمقاولات الخاصة، هي المجالات الأكثر عرضة للفساد.
وفيما يخص تقييم الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، رصد التقرير تغطية غير كاملة، أو غير عميقة بما فيه الكفاية، للمواضيع الأساسية ذات الصلة الوطيدة بالفساد، بما أفرز فجوات في المقاربة الشاملة، وإسناد ضعيف بما أثر على التنفيذ المنسق والفعال للمشاريع، وإضافة إلى تنفيذ قطاعي ومجزأ لا يتوافق مع الرؤية الشمولية التي تستدعي الترابط القوي بين المشاريع.
في المقابل شددت هيئة محمد بشير الراشدي على وجود عدة إنجازات فيما يخص تعزيز الشفافية غير أن أثرها المتوخى على المواطنين والفاعلين الاقتصاديين ضعيف للغاية، إضافة إلى عدم احترام النهج المنهجي، الذي يفترض تكاملا مفصليا بين أدوار الفاعلين المعنيين لضمان الانسجام والالتقائية والفعالية، ووجود عدد كبير جدًا من المشاريع وأحيانًا بدون صلة حقيقية بالتوجهات العامة والهيكلية للاستراتيجية، غياب عناصر مهمة ومؤثرة : متعلق على الخصوص بالفساد في الحياة السياسية والانتخابات.
وأكد التقرير التوصل سنة 2023 بـ 85 شكاية وتبليغ، مشيرا إلى أن أكثر من 85% من مجموع ما تمت دراسته من شكايات وتبليغات كانت غير مستوفية للشروط القانونية إما لانتفاء الشروط الشكلية المتطلبة لقبولها، وإما لكونها لا تدخل ضمن مهام الهيئة، أو لعدم تضمنها ما يكفي من المعطيات أو الحجج أو القرائن لإثبات شبهات جدية لحالة من حالات الفساد.