هيئات حقوقية تعتبر فرض جواز التلقيح “خرقا” للدستور وتطالب بالتراجع عن القرار .

لقي القرار الحكومي الأخبر بفرض “جواز التلقيح” في مختلف المؤسسات والمرافق العمومية، انتقادات من طرف هيئات حقوقية اعتبرت القرار “خرقا سارفا” لمقتضيات الدستور، مطالبة بالإلغاء الفوري لفرض “جواز التلقيح” وكافة التدابير والإجراءات المصاحبة له لـ”عدم دستوريته وقانونيته”، وفق تعبيرها. يأتي ذلك بالتزامن مع الشروع في تطبيق القرار، اليوم الخميس، والذي ينص على ضرورة إدلاء الموظفين والمستخدمين ومرتفقي الإدارات بجواز التلقيح لولوج الإدارات العمومية والخاصة، إلى جانب المؤسسات الفندقية والسياحية والمطاعم والمقاهي والفضاءات المغلقة والمحلات التجارية وقاعات الرياضة والحمامات. ووقع آلاف المغاربة عريضة بموقع “أفاز” الدولي، بعنوان “لا لجواز التلقيح بدون نقاش وطني”، لمطالبة الحكومة بالتراجع عن القرار، في مبادرة قادتها شخصيات سياسية وحقوقية وطبية، أبرزها الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبدالله، والأمينة العامة للاشتراكي الموحد نبيلة منيب، والبرلمانية السابقة عن العدالة والتنمية أمينة ماء العينين، وجعفر هيكل، أختصاصي في الأوبئة والأمراض المعدية. خطوة “غير محسوبة” وفي هذا الصدد، قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن فرض جواز التلقيح “خطوة مفاجئة غير محسوبة، لا تحترم أبسط المساطر الحقوقية والدستورية في اتخاذ وتنفيذ قرارات مصيرية تتعلق بحقوق الأشخاص وحرياتهم، وتمس حقوقا كونية ودستورية جوهرية، من شأنها أن تؤثر سلبا على السير العادي لحياة المواطنين وتربك أشغال وأعمال والتزامات أغلبهم وتخلق هلعا وقلقا وخوفا في صفوفهم”. واعتبرت الـAMDH في بلاغ لها، أن هذا القرار يشكل “خرقا سافرا لحقوق دستورية وكونية وعلى رأسها، الحق في حرمة الجسد، وضرب حرية التنقل والتجول وارتياد المرافق العامة والخاصة، وهو ما يعني ضرب لحقوق المواطنة الكاملة”. وترى الهيئة الحقوقية أن “تفادي الدولة إصداره في شكل قانون من خلال مرسوم، يأتي لعلمها بتناقضه مع اختيارية التلقيح التي تم التصريح والإعلان عنها سابقا، وحتى تظل بمنأى عن أي مساءلة قانونية او قضائية محتملة”، وفق تعبيرها. وأوضحت الجمعية أن تنفيذ هذا القرار “سيؤدي، لا محالة -وخلافا لما تدعيه الحكومة للحد من انتشار الفيروس-، إلى الاكتظاظ بالمرافق الصحية الساهرة على التلقيح من أجل الإسراع بالحصول على “جواز التلقيح”، مما سيساهم في نشر الفيروس على نطاق أوسع ويعرض صحة وحياة المواطنين والمواطنات للخطر”. وسجلت أن ما أسمته “السرعة والارتجالية التي طبعت هذا القرار، تثير الاستغراب وتدعو إلى القلق من احتمال وجود خلفيات أخرى وراءه، خاصة أن صدوره تزامن مع ما نشرته الصحافة من اختلالات جد خطيرة يبدو أنها رافقت صفقات شراء اللقاحات حسب تقرير برلماني في الموضوع”. وشددت على أن إلزام المسؤولين بالمرافق العامة والخاصة وغيرها بالمراقبة والتأكد من حمل المرتفقين والمرتفقات، للجواز من عدمه وفحص الهوية وصحة الجواز، ورفض تمكين غير الملقحين من الولوج إلى المرفق أو المؤسسة المعنية، هو من صميم اختصاص عمل السلطة العمومية. وترى الجمعية أن “المعاقبة أو الزجر على المخالفة هو من صميم اختصاص القضاء، وأن تفويته أو تفويضه للأغيار يعد خرقا سافرا للقانون وتشجيعا على الفوضى والانتقام وأخذ الناس لما يمكن اعتباره حقا لهم بأيديهم والاعتداء على بعضهم”. وحذرت من “تداعيات هذا القرار على السير العادي لحياة المواطنين والمواطنات بصفة عامة، وعلى خطورته على الحقوق السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، وعلى التزاماتهم التي قد تكون مصيرية تتعلق بصحتهم وحياتهم وأموالهم، وحقهم في الانتصاف بولوجهم إلى المحاكم والإدارات”. كما طالبت بالإلغاء الفوري لهذا القرار وكافة التدابير والإجراءات المصاحبة له “لعدم دستوريته وقانونيته، ولأن في تطبيقه خرق سافر للحقوق والحريات الاساسية للمواطنين والمواطنات، وتراجعا صريحا عن اختيارية التلقيح المعلن عنها والمصرح بها سابقا”. “صدام بين المواطنين” من جانبه، قال المركز المغربي لحقوق الإنسان، إن القرار الحكومي يرهن حق ولوج المواطنين إلى المرافق الإدارية والحيوية في حياتهم اليومية بالتوفر على جواز التلقيح، في ظل عدم توفر العديد من المواطنين على جواز التلقيح، سواء بسبب ظروفهم الصحية أو على خلفية قناعاتهم الشخصية. وأوضح المركز في بلاغ له، أن هذا الأمر سيحرم غير الملقحين من حقهم في الولوج إلى وظائفهم وإلى المؤسسات وكافة المرافق الاجتماعية، العمومية والخاصة، مما يعتبر “ضربا مباشرا لحقهم في ممارسة حرياتهم الفردية والجماعية”. وأشار إلى أن تفعيل قرار فرض جواز التلقيح، يعني تخويل جهات وأشخاص حق البث في الترخيص من عدمه للمواطنين من أجل الولوج إلى المؤسسات والمرافق العامة والخاصة ينطوي على منحهم صفة ضبطية، من المفروض أنها صفة قانونية تخضع لضوابط وشروط، مما سيؤدي إلى الصدام بين المواطنين. وتابع البلاغ أن “متلقي اللقاح لا يعني البثة، وحسب العلماء والدراسات العلمية، بأنه لا يحمل فيروس كوفيد 19 أو غير ناقل للفيروس، كما لا يعني بكونه بمنأى من التقاط العدوى”، لافتا إلى أن القطاعات الاقتصادية والاجتماعية تجد نفسها متضررة من هذا القرار بدل أن يساهم في تخفيف الأضرار التي تكابدها. واعتبر أن قرار فرض جواز التلقيح للولوج إلى المؤسسات والمرافق الحيوية “مخالف للدستور ولمبادئ حقوق الإنسان، مطالبة الحكومة بإعادة النظر في القرار “الذي لا يرقى إلى قانون، تماشيا مع روح الدستور وانسجاما مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان”. وأضاف أنه “يتعين على الحكومة الاستمرار في حملة التلقيح، إلى حين بلوغ نسبة 70 إلى 80 بالمائة، حيث يقر العلماء بأن هذه النسبة كافية لتحقيق التعايش مع الفيروس ومتحوراته، دون الولوج إلى إجراءات تعسفية، وتنطوي على الشطط”. من جهته، طالب المرصد المغربي للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات، رئيس الحكومة بالتراجع عن هذا القرار “الخارج عن قواعد القانون والدستور ومبادئ الحرية، والمجانب لمقتضيات المواثيق والعهود الدولية، بما فيها توصيات منظمة الصحة العالمية التي حذرت الحكومات من فرض التلقيح والجواز الصحي على مواطنيها واعتماد مبدأ الإقناع والاختيار”. ونبه المرصد في بيان له، إلى خطورة تداعيات هذا القرار المفاجئ وما قد ينتج عنه من إشكالات قانونية وأزمات اجتماعية واقتصادية وانتكاسات حقوقية لعدم شرعيته ومشروعيته من جهة، ونظرا لغياب آليات نظامية واضحة لتنزيله من جهة أخرى، وفق تعبيره. ودعا المرصد كل مكونات الحركة الحقوقية والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان إلى التكتل من أجل التصدي لهاته “القرارات التعسفية والمصادرة لحريات المواطنين”، حسب البيان ذاته. :

عن العمق .