قلم الناس
ذ- يوسف السوحي
لا يختلف اثنان في كون العاصمة الإسماعيلية مكناس، هي عاصمة سلطانية جعلها تاريخيا السلطان المولى إسماعيل ، مدينة تضاهي العواصم الأوروبية، حتى أنها وصفت بفرساي المغرب مقارنة مع فرساي الملك لويس الرابع عشر. وما قِيل في حق مكناس لا يتسع المجال لسرده بأكمله، ويكفي ما حظيت به من الثناء من لذن السفراء الأجانب الذين تباروا في تعداد جمال المدينة والتغزل بمحاسنها، ولعل خير ما قيل في حقها، ما جاء في شعر وزير غرناطة الشهير لسان الدين بن الخطيب حين قال:
إن تفتخر فاس بما في طيها *** وبأنها في زيها حسناء
يكفيك من مكناسة أرجاؤها *** والأطيبان هواؤها والماء،
مكناس وسط عقد جبال الأطلس المتوسط و سهل سايس حيث الخضرة ،وطيب الهواء والماء،جعلها المستعمر قاعدة للصناعة الفلاحية التحويلية ،وعاصمة للكروم ومختلف الخضروات ، وبرؤيته الثاقبة اختار جلالة الملك محمد السادس ،أن ينظم بها أكبر تظاهرة فلاحية بالمملكة المغربية ،انه الملتقى الدولي للفلاحة ،اختيار لم يكن اعتباطيا او جبر لخواطر المكناسيين ..،بل هو قرار اقتصادي استراتيجي ،له أسس تاريخية وجغرافية ويملك آفاق مستقبلية ..،لكن للاسف الشديد المسؤولين عن إدارة الشأن العام بمكناس ،لم يستوعبوا ذلك جيدا ،فالعاصمة الإسماعيلية تبدو في فصل الصيف كصحراء قاحلة ،وملامح القحط والجفاف ترجعك لزمن يوسف عليه السلام ،نافوراتها مغلقة ومداراتها توحي بالبؤس والقنط،أما حدائقها فتعيش زمن التخريب و التهميش بامتياز ..،الامر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام ،حول كل هذا الاجحاف في حق هذه المدينة الخضراء التي تغنى بها الشعراء وقادة العالم ،ولماذا تعاني من عقم الابداع و الابتكار في جعلها فعلا عاصمة فلاحية خضراء على طول السنة ؟ مثلها مثل العواصم الفلاحية في العالم،مكناس تشتاق الى ماضيها الاخضر المتسم بكل ملامح الجمال.. أكثر من تطلعها للمستقبل المجهول.
















إرسال تعليق