مريم الشراضي تكتب.. جامعاتنا والجنس، إلى أين نحن سائرون؟



بقلم/ مريم الشراضي – صحفية متدربة

الحديث عن الفساد لا يقتصر فقط على إهدار المال العام أو الاستيلاء عليها، بل يتعداه الى فساد منظومات بكاملها سواء كانت إقتصادية أو تعليمية أو صحية أو غيرها الشيء الذي قد يهدد كيان المجتمع ويأتي على قيمه. وينتج هذا الفساد من الغياب التام للرقابة الذاتية والمتمثلة أولا في الضمير والمبادئ والرقابة العامة وثانيا في القوانين والضوابط التي تسهر على تطبيقها الدولة، ومن هنا يظهر جليا أن سلطات فاسدة لا يمكن أن تضمن وجودها إلا في مستنقع مجتمعات فاسدة.

مناسبة هذا الكلام ما تعيشه العديد من المؤسسات الجامعية بالمغرب من فضائح وممارسات المشينة سواء بين رحابها وفي أروقتها، أو خارج أسواره أبطالها في كلتا الحالتين أساتذة جامعيون ، يجمعون بين مهمة التدريس و التلقين العلمي والتأطير البيداغوجي، وبين مهمة أخرى دنيئة يأنف شخص في مستوى أستاذ جامعي أن تلصق به وبطائفته.

التحرش الجنسي في الجامعة المغربية حقيقة وواقع، وقد ازداد انتشارا وازدهارا في السنوات الأخيرة نتيجة عدة عوامل، تتأرجح بين التفسخ الأخلاقي الناتج عن ظروف أسرية واجتماعية واعتبارات أخرى شخصية مصلحية تضطر طالبات إلى البحث والجري وراء دبلوم مقابل “وصل ” يكلفها شرفها وسمعتها، فتسقط، غالبا، راضية مرضية في شباك أستاذ جامعي انتهازي ووصولي متنكر لرسالته النبيلة، وتحلل من مركزه الاعتباري كصاحب رسالة ومسؤولية في تربية النشىء وتهيئته و تأهيله. وهكذا تصير الطالبة الجامعية من طالبة علم وتحصيل إلى طالبة حب و جنس و فساد.


فما سمي في سبعينات و ثمانينات القرن الماضي بـ”الحرم الجامعي” أضحى اليوم اسما بدلالات مقيتة وخبيثة، ووصمت عار على جبين من يدور في كنفه حيث بات هذا “الحرم” مرتعا للفساد والابتزاز، ووكرا للرذيلة والمخور وظالة كل باحث عن اللذة الجنسية. وصار الأستاذ الجامعي يلقن قواعد الفسق والمجون والانحلال الخلقي بعدما تحطمّت فيه كل نبرة اعتزاز وكرامة وكبرياء نظيفة. فحرام أن يحمل الحرم الجامعي هكذا أوصاف وهكذا تسميات، في ظل ما يردده المسؤولون في كل ظرف وحين عن برامج و مشاريع و مخططات لإصلاح وتقويم وتأهيل قطاع التعليم العالي.


حقا أم المهازل أن ينزل التعليم العالي بالمغرب إلى أسفل سافلين، وأم الفضائح أن يبزغ أستاذ جامعي كبطل فضائحي، ولهذا السبب تشير الدراسات إلى أن نسبة عظيمة من أساتذتنا الجامعيين الأجلاء لا يجتهدون في الأبحاث و الدراسات الأكاديمية، كما أن تصنيف المعاهد و المؤسسات الجامعية الوطنية على المستوى الجامعي الدولي يضعها من بين الأضعف مغاربيا وعربيا وإفريقيا وعالميا، ولو جرى تصنيف حول مدى تفسخ العلاقات بين الأستاذ الجامعي و طلبته لنال المغرب مرتبة متقدمة و ” مشرفة “

حتى قبل سنوات كان الجنس في الجامعات بمثابة “طابو” لا يقوى أحد على الخوض فيه، أما اليوم أصبح كلاما على كل الالسن واصبحت المحاكم المغربية تعج بقاضيا الجنس مقابل النقط فالى اين نحن سائرون؟ وأي تعليم نريده لأبنائنا.