ماذا ربح المغاربة من 20 فبراير.. ولماذا الاستمرار في تخليد ذكراها؟

قلم الناس : متابعة

حلول اليوم الاثنين 20 فبراير 2023 تكون قد مرت 12 سنة على انطلاق حركة 20 فبراير، تلك الحركة التي فجرت احتجاجات واسعة في عدة مدن مغربية انطلاقا من شهر فبراير سنة 2011.

المغرب وعلى عكس العديد من النماذج الأخرى، سارع إلى الاستجابة لمطالب الشباب، عبر إحداث إصلاحات جوهرية، كان أبرزها إقرار دستور جديد، وإجراء انتخابات مُبكرة أوصلت الإسلاميين إلى السلطة لأول مرة في تاريخ المغرب.

في المقابل، تبين أن الحركة قد تكون أعطت مفعولا عسكيا في إحداث التغيير، عقب وقوع سلسلة من ”التراجعات”؛ وفق فعاليات حقوقية؛ بعد أفول النسخة المغربية من الربيع العربي.

ماذا ربح المغاربة من 20 فبراير؟ وما الجدوى من الاستمرار في تخليد ذكراها؟

بالنسبة لخالد بكاري؛ الناشط الحقوقي وأحد أبرز وجوه الحركة، فإن ” كل التراكمات، مرتبطة بمعارك ديمقراطية وبمعارك العدالة الاجتماعية، والتي لا يمكن أن تؤدي سوى إلى نتائج محمودة”.

لولا حركة 20 فبراير، يقول البكاري متحدثا لـ ”آشكاين”، ما كان ليخرج دستور 2011 إلى الوجود، والذي يحمل ”إيجابيات مقارنة بدستور 1996، وإن كان لم يلبي كل مطالب الحركة من جهة، ولم يلبي أيضا احتياجات المغرب من أجل أن تكون بناء دولة ديمقراطية تقطع مع كل التصورات السلطوية”.

وأضاف: ”اليوم هناك دوس على هذا الدستور سواء عبر قرارات تنفيذية أو أحكام قضائية لا تستند عليه”، إلا أن البكاري استدرك قائلأ أن ”هناك على الأقل وثيقة مرجعية يمكن أن نحاكم بها هذه السياسات، رغم ما يكتنفها من ثغرات”.

وشدد على أن ما ربحه المغاربة من حركة 20 فبراير هو ”التمرين على الاحتجاج السلمي المدني”، موضحا في هذا الصدد بقوله: ” شهور عديدة والمغاربة في الشارع، لم تحدث أعمال عنف أو شغب، رغم ما تعرضت له الحركة من هجوم  وأعمال ”بلطجة”، وتدخلات عنيفة من قبل القوات العمومية، ورغم ذلك حافظت الحركة على جوهرها السلمي والمدني”.

Ad image

وأبرز أن الحركات احتجاجية التي ظهرت بعد 20 فبراير، حافظت على نفَس الحركة، سواء أن كانت ذات طابع المجالي ( الريف، زاكرة..)، أو ذات طابع فئوي ( الأساتذة، طلبة الطب..). موضحا أن هذا ”التمرين البيداغوجي غير السهل”، يؤشر على أن المغاربة ”يحبدون الحلول السلمية والمدنية، ويتجاوبون مع كل دعوة في هذا المنحنى، مما أسقط فزاعة الدولة على أن الاحتجاجات مُهددة للأمن العام وقد تتسبب في فوضى”.

البكاري: مجرد استحضار للحظة 

حول الجدوى من الاستمرار في تخليد الذكرى، أجاب البكاري، بكون المسألة ”مُجرد استحضار لتلك اللحظة، وأن مطالب تلك الحركة لا تزال مستمرة”. وأوضح أن الحركة لم ”تعد موجودة وكذا تنسيقيتها، ولكن مطالبها لا تزال قائمة”.

Ad image

لكن البكاري عاد ليعبر عن عدم استبعاده من عودة ”20 فبراير” من جديد، وإن ”بشكل مغاير من حيث الشكل ومن حيث المطالب، بعد ظهور قضايا منها إطلاق سراح المعتقلين، إقرار ديمقراطية حقيقية، إقرار سياسات اجتماعية تقطع مع زواج السلطة والثروة ومع الريع”.

واستدرك ذات الناشط بالقول إن ”هذه الممارسات كانت في السابق، لكن باتت تتخدم اليوم، منحى أكثر تطرفا في تعميق الفوارق الطبقية والمجالية”. متوقعا أن تحمل الاحتجاجات في المغرب، مستقبلا، ”طابعا إجتماعيا أكثر منه سياسي كما هو الشأن مع حركة 20 فبراير”.

وشدد على أن الإصرار على تخليد ذكرى ”20 فبراير”، هو فقط ”تذكير برنامج الحركة لم يستنفد أغراضه بعد”.

لزرق: المشهد يتطلب ”يسارا وطنيا”

على النقيض من ذلك؛ يرى رشيد لزرق، رئيس مركز شمال افريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسية العمومي، أن الاستمرار في الاحتفال بذكرى 20 فبراير، يعود إلى كون الحركة ”انتصرت لروح الإصلاحية وأظهرت صمود المؤسسات أمام الهزات الإقليمية من خلال ثورة متجددة بين الملك والشعب”.

وأبرز لزرق، ضمن حديثه لجريدة ”آشكاين”، أن الحركة أفرزت ”تعاقدا دستوريا جديدا”، كما كشفت، وفق ذات الخبير، عن ”محدودية الخرافة وتحالفها مع العدمية بكونه تحالف أجوف”.

وشدد ذات أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس، على أن المشهد السياسي في المغرب، ”بات يتطلب اليوم يسارا وطنيا بخط سياسي واضح وبخطاب قريب من نبض الشعب، بعيدا عن يسار العائلات اللاشعبية التي تريد احتكار وطنية الامتيازات، واتخاذ الجماهير الشعبية مطية لبلوغ مصالحهم الشخصية، وتثبيت جيل من أبناء القيادات، يريدون استغلال تموقع الآباء، عبر توظيفهم للماضي دون أن يفهموا مغزاه، غير مدركين أنّ التاريخ لا يعيد نفسه إلا في شكل مهزلة ”.

وقال إن هذا التغيير في المرجعيات في المغرب ”حتمي حتى لا يظل الجيل الحالي، محاصرا بين نزعة وصولية ذات رؤية ضيقة ونزعة خرافية باهتة وأخرى ظلامية ورابعة عدمية، والقواسم المشتركة بين هذه النزعات هي افتقادها لروح الإبداع إزاء المشاكل الداخلية والمتغيرات العالمية، ومحاولة الهروب إلى الأمام من خلال الاختباء وراء نزعة ثورية منفصلة عن الجماهير الشعبية التي كانوا يتحدثون باسمها”. وفق لزرق دائما.

محمد أسوار عن أشكاين