النظام الجزائري ورصاصة الرحمة

* نورالدين زاوش

في ظل التطورات الأخيرة، يعيش النظام الجزائري أياما شدادا غلاظا لا يحسده عليها أحد، فبعدما عانى الأمرَّين في السنوات الأخيرة من مسلسل ارتفاع وتيرة سحب الاعتراف بكيانه الصحراوي المزعوم والذي بلغ أكثر من خمسين دولة، ثم قرار مجموعة من الدول العربية الشقيقة فتح قنصليات لها بمدينة العيون كالإمارات والأردن والبحرين، ثم تطهير معبر الكركرات من شرذمة قطاع الطرق بطريقة سلمية واحترافية شهد لنجاعتها العدو قبل الصديق، يأتي قرار اعتراف أمريكا رسميا بسيادة المغرب على كافة أراضيه وعزمها فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة مما شكل منعطفا جديدا وحاسما في قضية الصحراء المغربية.

إن الدينامية النشيطة والواعية التي نهجها المغرب بعودته لحظيرة الاتحاد الإفريقي بعد أن قاطعها لعدة عقود، واقتحام العمق الإفريقي بمشاريع واعدة تصبو لخلق مراكز مالية واقتصادية ودعم البنية التحتية لم تكن أبدا بلا طائل أو جدوى، وما تنكر جنوب إفريقيا في الآونة الأخيرة للنظام الجزائري وتلاشي حبل الود الذي طالما جمع بينهما في موضوع كيان البوليساريو الوهمي إلا واحدا من حسنات هذه الخطة المدروسة التي انتهجها المغرب بكل جدارة واقتدار.

لم يعد سرا أن النظام الجزائري يعيش أسوأ أيامه ويلفظ آخر أنفاسه؛ فالعزلة الدولية تطوق جيده من الخارج، وبالداخل صراع أجنحة العسكر وحرب الولاءات تضيق عليه الخناق، والوباء يحيط به من كل جانب، والشعب الصحراوي الوهمي عاد حملا ثقيلا على النظام بعدما كان عبئا على الشعب، والشارع الجزائري على فوهة بركان، والرئيس لقرابة شهرين لم يطل بطلعته البهية على شعبه المتقد شوقا لرؤيته، اللهم تلك الإطلالة المريبة على مواقع التواصلي الاجتماعي، والتي فتحت أبواب الشك على مصراعيه، وتركت الشعب الجزائري في حيص بيص أكثر من أي وقت مضى.

من المفيد أن نَذْكر بأن المستجدات الأخيرة قد غيرت قواعد اللعبة، وأن السياسة لا تدوم على حال، ومن الإنصاف أن نُذَكّر بأن بلدنا العريق يجيد قراءة السياقات الدولية والمآلات وميزان القوى وإلا ما كنا لننعم بالأمن والأمان طيلة هذه العقود، خصوصا ونحن نجاور نظاما وحشيا لا يتورع عن قتل مواطنيه فضلا على أن يعقد السلام في جواره، هذا ما أكده قرار المغرب الشجاع بتأجيل الاجتماع رفيع المستوى مع إسبانيا الذي كان مقررا في دجنبر إلى فبراير القادم ثلاث ساعات فقط بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء.

لقد أضحى الوضع الجديد جِدا لا يحتمل الهزل، وبات التعامل معه بما يلزم مُلحا لا يقبل التأجيل، في الوقت الذي عاد فيه النظام الجزائري أوهن من بيت العنكبوت؛ وصار لا يستطيع حتى أن يقنع شعبه بأن من ظهر على “تويتر” هو فعلا رئيس الجزائر، فبالأحرى أن يقنع العالم بأن القابعين في مخيمات العار بتندوف هو فعلا شعب مهضوم الحقوق.