العنف الأسري قنبلة يُشعل الجهل فتيلها

عرف مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى فى الوطن العربى الشابة الفلسطينية إسراء غريب، منذ عهد قريب بأنها واحدة من أمهر خبراء التجميل، وذلك بفضل ما تنشره على حسابها على موقع «إنستجرام» من صور لفتيات حسناوات أصحاب إطلالات مميزة من إعدادها.

وعلى الرغم من بساطة أدوات الشابة الفلسطينية التى أتمت ربيعها الأول بعد العشرين إلا أنها صاحبة حس فنى مميز، جعلها توصف بأنها «فنانة تستخدم فرشاة الماكياج كاستخدام الرسام لفرشاة الألوان»، لذلك كان وقع خبر وفاتها أشبه بالصدمة بين مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى.

غموض الظروف التى أدت لوفاة «غريب» جعل عدد أصدقائها يطلقون «هاشتاج» يحمل اسمها، يطالبوا من خلاله السلطات الفلسطينية بالتحقيق فى الواقعة، وذلك بعدما اتهموا أسرتها بتعذيبها حتى قتلها، ليتفاعل بعدها الآلاف من مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى حول العالم مع قضية الفتاة التى شغلت الرأى العام العربى.

يزعم عددد من المقربين للشابة الفلسطينية أن الواقعة التى تسببت فى قتلها على يد عائلتها ترجع لخروجها بصحبة شقيقتها لمقابلة شاب يرغب فى خطبتها بعد التعرف عليها عن قرب، إلا أن تدخل إحدى أقاربها فى القصة ووصف ما أقدمت الشابة على فعله بالمنحل جعل الغضب يتسرب لأسرتها التى لم يهدأ لهيب غضبهم إلا بقتلها، بحسب الراوية المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى.

وفى الوقت الذى خرجت فيه أسرة «غريب» لتنفى ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعى، كانت الأحداث فى الشارع الفلسطينى مشتعلة عن آخرها بعدما تظاهر عدد من النشطاء الفلسطينين مطالبين بمحاسبة المتسبب فى قتلها، ليكلف رئيس الوزراء الفلسطينى محمد أشتيه، الشرطة الفلسطينية بالتحقيق فى القضية، وهو الأمر الذى ترتب عليه إلقاء القبض على عدد من أفراد أسرتها بانتظار ما ستسفر عنه التحقيقات، وبغض النظر عن النتيجة، فالواقعة أثارت مجددا عبر مواقع التواصل قضية العنف الأسرى، أسبابه ونتائجه، وهو ما يتناوله التقرير التالى.

يرى الدكتور طه أبوالحسن، خبير علم الاجتماع، أن أسباب العنف الأسرى بالأساس تعود إلى «بعض الموروثات الثقافية والاجتماعية الرجعية والتى ليس لها أى أساس شرعى، والمبنية على الجهل بأصول التربية» بحسب وصفه.

ويضيف «أبوالحسن» خلال حديثه لـ«المصرى لايت»: «حفظ الأسرة لكيانها الاجتماعى هو حق أصيل لها، ولكن فى الوقت نفسه هذا لا يعنى قتل كل من يخرج عن تقاليدها أو تعذيبه»، مشيرا إلى وجود العديد من الأساليب التى يمكن اتباعها لتقويم الأبناء، منها «تقليل الاهتمام أو التدليل أو عدم التحدث معهم».

ويشير هنا «أبوالحسن» إلى أن المسؤول الأول عن مقتل الشابة الفلسطينية فى حال صدق الرواية المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى هو «رب الأسرة» حتى وأن لم يشارك فى تعذيبها، معللا: «التربية والفضيلة بيتم زرعهم فى الطفل منذ الصغر، لكن مش أنا أهمل التربية وآجى أحاسب أولادى على انعدامها».

ومن ناحية أخرى، يوضح الدكتور إبراهيم عبدالرشيد استشارى الصحة النفسية، أن «قتل أفراد الأسرة أحد أعضائها يرجع لإصابتهم بما يعرف بالهوس الجمعى وهو الأمر الذى يدفعهم لارتكاب الجريمة».

Ad image

ويضيف «عبدالرشيد» خلال حديثه لـ«المصرى لايت» بأن «تبرير القتل بأى شكل هو إسقاط معروف فى المجتمعات التى تتفشى بها العصبية القبلية والتى لا تزال متواجدة حتى وقتنا هذا، وعلينا أن نحاربها بالوعى والتثقيف المستمر».