العلماء المغاربة :الشيخ الدكتور فريد الانصاري عالم دين وأديب مغربي.

قلم الناس

اعداد :ا.الادريسي / ي. السوحي

في الفلك والفيزياء والطب والفقة واللغة والاداب والفنون … وغيرها من العلوم، أسماء عدد من المغاربة برزت على الصعيد العالمي. علماء أدهشوا العالم بإنجازات واكتشافات كان لها وقع كبير في مجالات بحثهم واشتغالهم.نحاول خلال هذا الشهر المبارك ،تسليط الضوء عليهم بالرغم من كونهم نجوم في عالمهم وعلمهم ولكن يجهلهم الكثيرين .

الحلقة الثالثة :

الشيخ فريد الأنصاري (ولد بإقليم الراشيدية ، 1380هــ/ 1960م  ،عالم دين وأديب مغربي، حصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية تخصص أصول الفقه ، عمل رئيسا لقسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب، جامعة المولى اسماعيل بمكناس   وأستاذا لأصول الفقه ومقاصد الشريعة بالجامعة نفسها. شغل منصب عضو في المجلس العلمي الاعلى .

التحق الدكتور فريد الأنصاري بالجامعة سنة 1980 وانخرط في مجال التدريس بالجامعة في أواخر الثمانينات، فقضى بالجامعة إلى حين وفاته 29 سنة، وهذه المدة التي قضاها بالجامعة طالبا ومدرسا، كانت فترة علم واجتهاد وبحث علمي متين ليتحقق بصفة ” العالم الوارث”، ولذلك لا غرابة أن يتخصص في “أصول الفقه” أو بمعنى آخر في فلسفة قانون الاستنباط الإسلامي، بل تخصص في دراسة مصطلحات ومفاهيم أصول الفقه، ففي سنة 1985/1986 مرحلة تكوين المكونين، أنجز بحثا في السنة الأولى في موضوع:”الأصول والأصوليون المغاربة: بحث ببلوغرافي” تحت إشراف الدكتور الشاهد البوشيخي وفي السنة الثانية موسم 1986/1987 أنجز بحثا في موضوع :” مصطلحات أصولية في كتاب الموافقات: مادة قصد نموذجا” تحت إشراف الدكتور الشاهد البوشيخي، وفي سنة 1989/1990 سجل بحثا لنيل دبلوم الدراسات العليا/ الماجستير في موضوع:” مصطلحات أصولية في كتاب الموافقات” تحت إشراف الدكتور الشاهد البوشيخي، وفي سنة 1991 سجل بحث الدكتوراه في موضوع:” المصطلح الأصولي عند الشاطبي” تحت إشراف الدكتور الشاهد البوشيخي وناقش الأطروحة سنة 1998.

هذه مسيرة الأنصاري العلمية باعتباره باحثا أكاديميا، أكثر من عقد من الزمن وهو مصاحب لأصول الفقه والشاطبي ومصطلحاته، والملفت للنظر أن يكون الإشراف في جميع البحوث للشيخ العلامة الشاهد البوشيخي، ولذلك عند قول الأنصاري في كتاباته ” الأستاذ” دون أن يسمي من هو هذا الأستاذ، فالمقصود به الشاهد البوشيخي، فهو مربيه وأستاذه، أثمرت هذه الصحبة معاني وجدانية عميقة ومنهجيات علمية دقيقة، ولذلك ليس غريبا أن يقول البوشيخي مقدما لأطروحة الأنصاري:” إن فريدا الفريد لم يكد يخلق إلا للعلم والبحث العلمي” ويقول الأنصاري في حق أستاذه:”ولعمري لقد هذب وربى، وعلم فأربى. نهلت من علمه، وتشبهت بخلقه، ونشأت على فكرته، وتخرجت من معهده” المقصود بالمعهد معهد الدراسات المصطلحية بكلية الآداب ظهر المهراز فاس الذي أسسه البوشيخي مع ثلة من تلامذته سنة 1993..

ومن خلال تجربة الأنصاري العلمية والأكاديمية يتضح أن التضلع في المعرفة الإسلامية لا يمكن أن تكون إلا ” بالمصاحبة” للشيخ العالم والمربي، إذ المعرفة الإسلامية من أقوى مصادر تلقيها ” أفواه الرجال” وهذا التلقي هو من يصنع الطالب الذي يبتغي العالمية، فالعالمية لا يتحقق بها من ركن إلى مطالعة الكتب، لأن سلامة المنطق ودقة المعلومة لا تتحقق إلا مشافهة، وهذه الصحبة ليس علمية محضة بل هي مصاحبة تربوية عميقة، فالأنصاري يحكي عن التحول الوجداني الكبير الذي مر به، وكان سببه هو مدارسة له مع أستاذه البوشيخي، فيحكي الأنصاري قصة فهمه للعقيدة حيث يؤكد أنه مر بثلاث مراحل؛ المرحلة الأولى الفهم التقليدي؛ العقيدة شهادة وانتهى الأمر، المرحلة الثانية مرحلة أن معنى العقيدة هي “الحاكمية لله”وتلقى هذا المعنى في فترة ارتباطه بالحركة الإسلامية، المرحلة الثالثة مرحلة اليقظة الوجدانية حيث يقول:” وبقي الأمر بالنسبة لي غامضا، حتى لقيت بعض أساتذتي الأجلاء، ممن تتلمذت عليهم، وأخذت عنهم علم الدعوة وعلم البحث العلمي، فكانت لي معه جلسة مذاكرة حول بعض مفاهيم القرآن الكريم، وتحدثنا عن بعض النماذج من بينها مفهوم الإله في القرآن الكريم، فنبهني إلى أن الأصل اللغوي لهذه العبارة، من أنه راجع إلى معنى قلبي وجداني، وذكر لي شيئا من الدلالة اللغوية على المحبة، مما بينته قبل قليل، فكانت بالنسبة لي مفاجأة حقيقية ! لا على مستوى الفهم فقط، ولكن على مستوى الوجدان والشعور !” وبهذا يتضح أن المعرفة الإسلامية كذلك ليست معرفة معلوماتية، بل هي معرفة هدفها الوصول إلى خشية الله ويتحقق ذلك بصحبة العالم المربي، وهذه الصورة التي نرسمها من خلال سيرة الأنصاري العلمية، قلت واضمحلت وانعدمت في ما يسمى بالجامعات العلمية العصرية وفي شعب الدراسات الإسلامية، وهذه العلاقة بين الطالب والأستاذ تذكرنا بعصور علمية زاهرة عرفها التاريخ الإسلامي، بمعنى أن الذي صنع الأنصاري ليس هو نظام تعليمنا الجامعي المغربي في شعب الدراسات الإسلامية، وإنما الذي خرجه هو صحبته “لشيخ عالم مربي “لمدة تصل أكثر من عقد من الزمان، أخذ عنه علم الدعوة والبحث العلمي.

توفي بعد صراع مع المرض دام عدة سنوات، باستنبول ، تركيا، ونقل جثمانه إلى مدينة مكناس، حيث دفن بمقبرة الزيتون.

Ad image

توفي يومه  17 ذو القعدة  1430 هـ / 5نونبر2009، بتركيا ،بعد صراع مع المرض دام عدة سنوات، بإستنبول ، ونقل جثمانه إلى مدينة مكناس ، حيث دفن بمقبرة الزيتون.

من موقع حركة التوحيد والاصلاح ـ بالتصرف