التَّضَــامُن الْاِجْتِمَــاعِيّ وقِيَمِــه في المُجْتَمَــع المَغْرِبِــيّ (زِلْـــــزال الحَــــــوْز أُنْمُوذَجـــــا)

  • بتاريخ : نوفمبر 21, 2025 - 4:42 م
  • الزيارات : 150
  • قلم الناس

    للتضامن عدة صور وأشكال وتسعى جميعها إلى الإرتقاء بالمستوى الإجتماعي والإقتصادي والثقافي والنفسي للأفراد والمجتمعات وتحقيق التقدم والتنمية والرفاه الإجتماعي للجميع ومن أهم هذه الأشكال هناك التضامن الإقتصادي الذي يرفع من مؤشرات التنمية ويزيد من دخل الأفراد، وهناك التضامن السياسي القائم على الذود عن الهوية الوطنية والوقوف والإتحاد ضد أي تهديد خارجي، وهناك التضامن النفسي الذي يوفر الدعم والأمن الداخلي للأفراد بما يحسن من حالتهم العاطفية والوجدانية، وهناك التضامن المادي الذي يتمثل في تنظيم ومساندة ودعم حملات التبرع والمساعدة المالية والعينية للمحتاجين، ثم هناك التضامن المعنوي القائم على مشاركة الآخر في الشعور العاطفي أي التعبير عن الإحساس الإيجابي الداخلي بأفراح وأتراح الآخر عند حدوث طارئ صحي أو مصاب جلل.
    التضامن والوحدة والإستقرار ثلاثية أساسية لبناء مجتمع قوي ومزدهر حيث يعزز التضامن التكافل الإجتماعي والروابط بين الأفراد وتؤدي الوحدة إلى تماسك قوي في مواجهة التحديات بينما يكون الإستقرار هو النتيجة النهائية لهذا التكاتف والذي يتحقق عبر العمل المشتر وتحقيق العدالة الإجتماعية والتكافل المتبادل بين الجميع، وهنا تجدر الإشارة بأن الملحمة التضامنية التي قادها الشعب المغربي في الداخل والخارج مع إخوانهم في الأقاليم المتضررة بفعل زلزال الحوز التي أخفي من وراءه مآسي إجتماعية نختصرها في مفهوم الهشاشة الإجتماعية، فزلزال الحوز فتح النقاش حول تحيين الرابطة الإجتماعية للمغاربة كما طرح اشكال الهامش وهو خزان القيم المغربية فهذا الزلزال طرح سؤال الفاعل السياسي ودوره في التنمية كما أبان عن فطنة الإنسان المغربي وتتبعه لقضاياه السياسية والإجتماعية والرهانات الدولية.

    إن قيم التضامن الحاصل في زلزال الجوز أبانت أهميتها في:

    • تحقيق التكافل الإجتماعي، وهو الهدف من التضامن فهو الفعل أو التنظيم الذي يلجأ إليه أفراد المجتمع لتحقيق التكافل الذي يساهم في سد الفجوات بين طبقات المجتمع والوصول إلى التماسك الإجتماعي.
    • تحقيق العدالة الإجتماعية، يعتبر التضامن أهم وسيلة لصون كرامة الإنسان وحفظ حقوقه بأكملها كما أنه يهدف إلى تحقيق المساواة بين الجميع وإلغاء التمييز البشري والظلم الإجتماعي وتوحيد طبقات المجتمع وبالتالي تحقيق العدالة الإجتماعية.
    • الحد من تفشّي المظاهر الإجتماعية السلبية، يعتمد مبدأ التضامن على الحد والتخفيف من إنتشار بعض المظاهر ذات التأثير والنتائج السلبية على الإنسان مثل الجوع والفقر والبطالة والأمراض وذلك بإقامة بعض الجمعيات التعاونية والمشافي ومساعدة القويّ للضعيف والغني للفقير.
    • تعزيز التواصل الإجتماعي، يعد مبدأ التضامن إنسانيا إذ أنه يعزز الشعور بالتعاون والإتحاد بعيدا عن التفاوت والإختلاف بين الأفراد كما أنه يعتبر مشروع ناجح كونه عمل جماعي يقوم بتقديم المساعدات ويوحد الشعور بالوحدة العاطفية تجاه الآخرين وبذلك يحقق تواصل جيّد بينهم بمشاركتهم مشاعر الحزن والفرح.
    يَدُ الله مع الجَمَاعَة، ليست مجرد قولة تردّد بل حقيقة تتجلى حين يتكاتف البشر ويتعاونون في مواجهة المحن فتكون في ذلك الطفل الذي يجد مأوى بفضل قلوب تعاضدت وفي الأم التي تمسح دموعها بدفء دعم من حولها وفي الدولة التي تمد يد التدخل والعون دون سؤال، فالتضامن هنا ليس مجرد فعل بل هو شعور عميق يتجذر في القلب ويصبح نبضا لا ينطفئ ويظل الصوت الذي يردد في السماء حين تشتدّ العواصف وتظلم الآفاق، وهو فعل متجذر في عمق الإنسانية يبزغ نور التضامن الإنساني كالشمس التي تدفئ القلوب وتزيل الغيوم عن الأرواح ففي وحدة القلوب والأيدي نجد قوة تفوق كل الصعاب وإرادة قادرة على صنع المعجزات.
    عبد الإله شفيشو/فاس