قلم الناس :
بقلم:ذ ـ يوسف السوحي
مرة سئل الروائي الفرنسي الكبير ” إميل زولا”، عن انتمائه السياسي، و أجاب قائلا: “أنتمي لهذه المعارضة التي تسمى الحياة”. وبهذا المعنى أعطى للديمقراطية الحديثة فائدة تتمثل في فسحها لمجال الحياة داخل المجتمع لكي تعبر عن تناقضاتها و تترجمها في قوى سياسية تبحث عن “حقيقة ” تقترحها كحلول وبدائل لكل المعضلات التي يمكن أن تعترض نمو و تطور هذا المجتمع أو ذاك. و بهذا المعنى كذلك عرف فوكو المعارضة قائلا:” هي قول الحقيقة وممارسة المتعة “.
مكناس، نجد الأغلبية الساحقة ممن يدّيرون عملية الشأن العام المحلي ،سواء داخل مجلس الجماعة او مجلس العمالة ،أو مجلس الجهة ، أو كبرلمانين داخل مجلس النواب أو مجلس المستشارين ، لهم سوابق كثيرة في التسيير ويتحملون مسؤولية ما ألت إليه أوضاع العاصمة الاسماعيلية اليوم ،وبفضل تدبيرهم العشوائي لشؤونها الممتد من 2002 إلى 2021 ، مكناس تعيش اليوم حالة من الضياع الاقتصادي والتيه التنموي ، لم تستطيع هذه الكائنات الانتخابية التي تدّعي قسرا كونها نخب سياسية محلية ، أن تحدد أولويات المدينة لصناعة مكناس الكبير ،ولم تتمكن من خلق هويّة اقتصادية حقيقية واضحة المعالم ،تمكنها كباقي المدن المغربية من حفر مسارها التنموي بنكهة المدينة السلطانية ،وتجلب استثمارات مالية ومشاريع ضخمة، بل لم تنجح في توظيف مؤهلاتها الفلاحية والتاريخية والسياحية والصناعية في صنع مستقبل زاهر للأجيال القادمة ،لأسباب ذاتية ،تتلخص في كون أغلبية هذه الكائنات مدينة في وجودها الانتخابي وليس البيولوجي لطبقة من الاعيان التقليدين ،وولادتها السياسية لبعض رجال السلطة السابقين …ا وليست نخب سياسية حقيقية تمتلك الكفاءة والحنكة والتجربة الميدانية و تدرجت في الهياكل الحزبية ،بل هي كائنات حربائية تتلون في كل المواسم الانتخابية حسب مصالحها، وتخضع في قراراتها وتدبيرها للعرض والطلب، كائنات سياسية بعضها نجح في توقيف الزمن السياسي المغربي لثلاثة ولايات تشريعية متتابعة، واعلنت نفسها ممثلا شرعيا في البرلمان ،ضدا على رغبة المكناسيين والمكناسيات، الذين يتسائلون عن سر نجاحهم وماذا قدموا للمدينة ..
إن ما تعيشه الحاضرة الاسماعيلية اليوم من تشتت في الرؤية المستقبلية ،و عجز في الميزانية وضعف في المردودية الاقتصادية والسياحية ،وتعثر فاضح في إنجاز المشاريع الملكية..، لا يتحملها هذا المجلس بقيادة الرئيس جواد باحجي الذي لم يكمل سنته الاولى،ويرغب في القطع مع الممارسات التدبيرية القديمة داخل دواليب وأقسام الجماعة، ويضخ دماء جديدة في التسيير عوض تلك الاسماء المستهلكة التي انتهى تاريخ صلاحيتها..، تعثرات واختلالات ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة وامتداد لمسار طويل من الاخفاقات والمزايدات السياسوية المجانية والوعود العرقوبية ، أبطالها هؤلاء الكائنات الانتخابية التي إكتسبت صفة العضو الدائم في المجالس المنتخبة، و اغتنت اليوم بفضل موافقتها على تصاميم للتهيئة على المقاس، تخدم مصالحهم ومصالح الأعيان و”أصحاب الشكارة “و عائدات تفويضات قسم التعمير وقسم الاشغال والرخص ..،وانغماسها الكلي في شركات التدبير المفوض..، وتسخيرها وحمايتها لبعض الموظفين الكبار خدمة لمبدأ “كول أوكل “،إنها حقائق يعرفها الشارع المكناسي حق المعرفة، ويستحي المكناسيون عندما يجدون من تربع لأزيد من عشرين سنة على كرسي التسيير والتدبير، في الاغلبية أو المعارضة الشكلية ،لازال يطمح لإصلاح أوضاع المدينة ،والاصلاح منه بريْ ،وهو للأسف من ساهم ويساهم في خرابها وتقهقرها، وضعف بنياتها وعطالة أبنائها
إرسال تعليق