في الصميم:التعايش مع وباء كورونا..رهان المرحلة القادمة.

بقلم :ذ ـ يوسف السوحي .

من الصعب بل من المستحيل أن تظل الدول التي تعاني من جائحة كورونا مثل بلادنا ،تعتمد فقط سياسة الحجر الصحي وتفرض حالة الطوارئ،كحل وحيد في انتظار إيجاد لقاح او دواء لهذا الوباء،لانها إجراءات مكلفة من الناحية المالية وتثقل كاهل الدولة،وليس علاجا وقائيا مضمون النتائج مئة في المئة،بالاضافة إلى تداعياته النفسية والاقتصادية على نفسية الانسان،بصفته كائن اجتماعي بطبعه،وقد كشفت المنظمة العالمية للصحة،كل هذه الحقائق،واكدت على انه يجب التعايش مع هذا الفيروس في افق التغلب عليه بصفة نهائية،وشرعت دول عظمى في الرفع الجزئي من الحجر الصحي ،والاستئناف التدريجي لدورة الحياة .

إنه لايمكننا ان ننكر المجهودات الجبارة التي قامت بها الدولة المغربية بمختلف مؤسساتها  ،لمحاربة هذه الجائحة،ولا ننسى أبدا كيف فضل جلالة الملك محمد السادس شعبه على الاقتصاد،وبادر في اتخاد العديد من الاجراءات الاحترازية،منها توقيف النقل الجوي،والموانئ،والاقتصاد،وغلق المطاعم والملاعب والمقاهي …،تأخرت في اتخادها دول عظمى،واليوم بحمد الله نجني ثمار هذه الخطة الاستباقية في مواجهة كورونا،لكن بالرغم من ذلك يجب الابقاء على هذه الشروط الاحترازية و الاستعداد لمرحلة ما بعد 20 ماي أي مرحلة الرفع الجزئي للحجر الصحي ببلادنا،لأنه بكل صدق لا يمكن أن يتحمل اقتصادنا كل هذه التكاليف الباهضة في ظل غياب الانتاج،ولا يمكن لأسر عريضة لم تستفيذ من أي دعم، وتعول على امكانياتها الذاتية أن تظل متوقفة بهذا الشكل ،في الوقت الذي يجب فيه على الدولة بمختلف مؤسساتها والمجتمع المدني ، أن تغيير خطابها اتجاه المواطنين فيما يخص الاستعداد للتعايش مع الوباء في المرحلة القادمة،مع التقيد بالكمامات ومسافة الامان ومنع التجمعات الكبيرة…،لانه يتضح أن معظم المغاربة أظهروا نضجا كبيرا في تتبع تعليمات وزارة الصحة والداخلية بخصوص الحجر الصحي وساهموا بوعيهم ووطنيتهم في التقليل من عدد الاصابات والوفيات  ،لكن هناك فئة قليلة مع كامل الاسف عبرت عن جهلها ولم تنضبط لشروط الحجر الصحي ولم تكن في مستوى هذه المرحلة التاريخية،بحيث تجتمع في الاسواق وامام المخبزات وفي الازقة والشوارع بدون مبرر…،واستحلت منطق الاعانات والقفة …،وهو الامر الذي يهددنا جميعا بسكتة القلبية ،لكن مع ذلك فيجب أن تتحمل هذه الفئة مسؤوليتها  الاخلاقية والقانونية في مرحلة التعايش ،لانه من العبث أن نرهن مستقبلنا بحمقات هذه الفئة.

إن  المنظومة الدولية اليوم  بما فيها المغرب ،شرعت في دراسة ومناقشة السيناريوهات المحتملة للرفع الجزئي للحجر الصحي،وتبادل التجارب فيما بينها  وتحليل الطرق الممكنة لوقف زحف هذا الوباء على القطاعات المنتجة ،من اجل العودة للحياة الطبيعية بشكل تدريجي،واعطاء انتعاشة جديدة للإقتصاد ولفسفة الانتاج عوض الغرق في مستنقع الاستهلاك.