عباس بين القطيعة والاستمرارية في تدبير أزمات المدينة

  • الكاتب : ذ - يوسف السوحي
  • بتاريخ : مايو 17, 2025 - 12:31 م
  • الزيارات : 228
  • قلم الناس :

    نعرّف عادة الصورة الفوتوغرافية كتمثيل دقيق من الناحية الفنية لما رآه المصور،لكن يظل هناك شيء ثابت حول كيفية قراءة الصور الفوتوغرافية في الواقع ،فهي الشكل البصرى المتعين بمقدار ما هي المتخيل الذهني الذى تثيره العبارات اللغوية،و يمكن تغيير النهج الخاص بك لقراءة صورة، تبعاً للغرض أو استخدامك للصورة.وهذا للأسف الشديد ما يحاول البعض تسويقه اليوم بالعاصمة الاسماعيلية مكناس ..، فعلى سبيل المثال فقراءة بسيطة وأولية لصورة مجلس جماعة مكناس منذ انتخابات 8 شتنبر 2021 ،وما أفرزه التمرين الديمقراطي المتعلق بالقاسم الانتخابي،نتائج كارثية بشهادة القائمين عليها بوزارة الداخلية،لكنه يبقى تجربة ديمقراطية واجراء تقني يسعف في بعض الاحيان في إنجاح العملية الانتخابية ..، ،فمند البداية العرجاء لمجلس  جواد بحاجي،والمنتخبون من مختلف الأحزاب يرعدون ولا يمطرون،يتحدثون في كل شيء  ولا يقومون بأي شيء ،رغبتهم الجامحة في التدخل تتلخص في أخد تلك الصورة التي ستتناقلها وسائط التواصل الاجتماعي ،المهم عواقب القاسم الانتخابي أضحت تظهر في الأفق ،بحيث إختلط الحابل بالنابل ،وأصبح من الصعب التفريق بين من في الأغلبية ؟ومن في المعارضة ؟الكل يتحدث بحماس زائد عن مصلحة الساكنة ومصلحة العاصمة الاسماعيلية ،ويعتبر نفسه جزء من الحل وهو في حقيقة الامر جزء من المشكل ،ومصلحة مكناس منهم براء ،لكنني شخصيا وفي خضم استعراض مختلف المشاهد والصور الخاصة بهذه المرحلة الانتخابية 2027/2021، أجدها تتشابه بشكل عام في مختلف المجالس المنتخبة بالمملكة المغربية، صراخ ،فراغ ،تجريد ، متابعات ..، مع بعض الاستثناءات في بعض المدن بمختلف الجهات ،خصوصا التي صادفت اقتراحها لتنظيم العديد من التظاهرات الدولية الكبرى مثل كأس افريقيا 2025 وكاس العالم 2030 ..،تجربة بنتيجة صفرية ،وكأن صناع القرار يأسوا منها ويحاولون جاهدين تقريب نهايتها…،

    المهم في خضم هذه المرحلة ،استوقفتني صورة النائب البرلماني المحظوظ عباس لمغاري ،وهو يجلس بكل أريحيّة على كرسي الرئاسة ،بعدما تعب في الحصول على تأشيرة الدخول إلى الاغلبية في عهد عبد الله بووانو ،والتواجد على أراضيها بضمانات جماعية..،وبعدما فشل في تكوين أغلبية مستقلة عن “الأغا “بالتجمع الوطني للأحرار ،وكان اخر من التحق بتوصيات عائلية…،كرسي الرئاسة الذي طالما حلم به عباس منذ ولوجه عالم السياسة سنة 1992بحزب الحركة.. ،وتمدرس في مدرسة المرحوم الطيب بنشيخ ،تعلم منه أشياء كثيرة أهمها الهدوء الذي يتطلبه المطبخ السياسي بالعاصمة الاسماعيلية..، لطهي القرارات و صنع الاستراتيجيات ،وأن المصلحة هي التي تحدد العدو من الصديق ،لكنه للأسف الشديد لم يتعلم منه أن الالتزام السياسي والحزبي هو رأسمال السياسي الحقيقي ،فمولاي عباس كما يحلو له ولمريديه تسميته ،إبن المدينة العتيقة بمكناس الدائرة 4 والتي أعطته كل شيء ،لكن للاسف حرمت من كل شيء،فحالها يدل دلالة قاطعة على التهميش والاقصاء،وضعف البنية التحتية،وفشل كل المشاريع التي برمجت من أجلها ،اما ساكنتها وشبابها  فهو يعاني من كل ظواهر الهامش،البطالة ،المخدرات،الكريساج …، أحيائها أضحت عنوانا فاضحا للتهميش و للكساد التجاري، روامزين خير دليل على ما نقول..،الرئيس عباس الذي تنقل بين دروب مجموعة من الأحزاب حسب الظرفية السياسية والفلسفة “الخبزية” بلغة الانتخابات المغربية،حتى استقر في حزب يؤمن مؤسّسه المعطي بوعبيد ” بالبرغماتية السياسية “،جاء لحزب الحصان بعد عاصفة الصحراء التي أصابت حزب الحمامة مع الامين العام وبرلماني مكناس “مزوار “،ورحل من رحل والتحق من إلتحق ،وكنا شهود على هذه المرحلة،ونعرف كل تفاصيلها ،نعم تكونت خريطة سياسية مغايرة لكل التنبؤات،جاءت بحزب المصباح برئاسة عبد الله بووانو إلى المجلس بأغلبية مريحة ،ساعدته في تكوين أغلبية ،من عجائبها “أنها لا يوجد فيها لأول مرة عباس “،نعم رفض حزب المصباح التحالف مع حزب الاتحاد الدستوري ،والتحق هذا الاخير إلى لعب دور المعارضة النقدية ،إستفاد منها بشكل كبير ،أفضل ممن كانوا في الإغلبية ..،المهم أن هناك مياه جرت تحت الجسر في تجربة مجلس “بووانو” سيأتي الوقت لنحكي مجرياتها وتفاصيلها ..،صورة مولاي عباس وهو يلعب دور ” الديلر ” على مضض ،للرئيس السابق جواد بحاجي،الذي رغب في الرحيل ولم يضطر إليه كما تروي الاسطورة..،بحاجي الناجي من لعنة و جحيم التسيير بمكناس ..،لكن توقيت جلوس الرئيس عباس على كرسي التدبير بمكناس، جاء في غير محله ،توقيت صعب وغير كافي..، وإن كان هذا الجلوس يحقق له حلمه الطفولي ،وتلك الرغبة الذاتية الدفينة في رد الاعتبار لمكناس من فوق كرسي سلطة التسيير، لكنه خير العارفين أن حالة العاصمة الاسماعيلية اليوم ،هي الأسوء في تاريخها،وبيان ختامها في كل سنة يوضح تراكم الديون،وضعف المداخيل وعجز الميزانية وارتفاع الباقي استخلاصه…، تجربة لن تلبي صراحة رغبة الاغلبية العظمى من المكناسين والمكناسيات في تجاوز الخطوط الحمراء من التهميش وضعف منسوب التنمية مقارنة بمدن أخرى ،والذين يؤمنون بتجربة الرجل العصامي عباس التي دامت أكثر من ثلاثة عقود من الزمن بجماعة مكناس ،نترك للقارئ تقييمها ،فالنتائج ناطقة ولا تحتاج منه أولا للتطبيل ،ولا تحتاج منّا إلى برهان ،المهم جلس مولاي عباس أخيرا على كرسي رئاسة جماعة مكناس ،وهو خير العارفين أن الحمل ثقيل، و الاكراهات والتراكمات أثقل،والحلول محدودة والامكانيات ضعيفة إذ لم نقول منعدمة،وسقف طموح المكناسين أوسع وهم يرددون قول الشاعر التونسي  أبو القاسم الشابي :

    مَا كلُّ فِعْلٍ يُجِلُّ النَّاسُ فاعِلَهُ

    مَجْداً فإنَّ الوَرَى بي رأْيِهِمْ خَطَلُ

    ففي التَماجُدِ تَمْويهٌ وشَعْوَذَةٌ

    وفي الحقيقَةِ مَا لا يُدْرِكُ الدَّجِلُ

    مَا المَجْدِ إلاَّ ابْتِساماتٌ يَفيضُ بها

    فمُ الزمَّان إِذا مَا انسدَّتِ الحِيَلُ