حقــــوق الإنســـــــان والإنتخــــابــــــات (المغــرب نموذجــا)

  • بتاريخ : نوفمبر 14, 2025 - 6:37 م
  • الزيارات : 177
  • قلم الناس
    حقــــوق الإنســـــــان والإنتخــــابــــــات
    (المغــرب نموذجــا)

    الإعلان العالمي لحقوق الإنسان جرى إعتماده من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948 بما يشبه الإجماع وقد أقر الإعلان بما للإنتخابات النزيهة والشفافة من دور في ضمان إعمال الحق في المشاركة في الشؤون العامة، وقد نصت المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية، وقد جرى التأكيد على ما لإجراء إنتخابات دورية من دور في إحترام الحقوق السياسية في العديد من الصكوك الدولية والإقليمية كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وميثاق منظمة الدول الأمريكية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، إلا أنه لم يتم بعد إحترام نزاهة العملية الإنتخابية في مناطق العالم المختلفة منها المغرب، فما وظيفة الانتخابات؟ وغاياتها؟ وهل تشكِّل الإنتخابات عاملا مُؤسِّسا للعملية الديمقراطية أم تمثِّل عاملا مساعدا على تدعيم الديمقراطية وترسيخها؟، وما وظيفة العملية الإنتخابية في ظل الإصلاحات التي عرفها المغرب في العقد الأخير بعد الحراك الشعبي الذي شهدته المنطقة العربية برمتها إبتداء من 2011؟.

    لقد كان من نتائج موجة الحراك الشعبي الذي إنطلق مع حركة 20 فبراير 2011 تسريع مسلسل الإصلاح الدستوري الذي تُوِّج بإستفتاء على تعديلات دستورية مكَّنت المؤسسات المنتخبة في المغرب من سلطات تنفيذية أكبر لكن لا يمكن فهم جدوى هذه الإصلاحات في بالمغرب دون فحص الأثر المترتب عليها على مستوى تحول السلوكيات السياسية والأدوار التي يضطلع بها الفاعلون السياسيون المنتخبون، فإنه رغم الإصلاحات التي شهدها المغرب خصوصا في العقد الأخير على صعيد حرية التعبير والتدبير الإقتصادي والسياسي وإقرار التعددية السياسية منذ إعتلاء الملك “محمد السادس” العرش سنة 1999 فإن العملية الإنتخابية في المغرب في ظل خصوصية النظام السياسي المغربي لا تؤدي وظيفتها في إحقاق الديمقراطية وتكريس وصول المنتخبين إلى مراكز صناعة القرار السياسي الذي يبقى بأيدي سلطة مركزية تستند على شرعية تاريخية ودينية تسمو على باقي المؤسسات الدستورية المنتخبة بحيث تظل الإنتخابات بعيدة عن التأثير في هوية ومركز صناعة تدبير الشأن العام في المغرب.
    إن المشاركة الإنتخابية تعني أن المواطن المغربي يدرك أهمية حقوقه إتجاه العملية الإنتخابية وأنه يعرف كيف يختار المترشح صاحب البرنامج الإنتخابي الأجدى له ويحدد أولوياته وفقا لطموحاته ورؤيته الخاصة خصوصا وأن المشاركة الإنتخابية تعني شعور الناخب والمترشح بالمسؤولية تجاه الأفراد وتجاه المجتمع وتجاه الوطن كله، كما أن للمشاركة الإنتخابية أهمية كبرى في تعزيز الديمقراطية والنهوض بالوطن فإن وجود نظام ديمقراطي يسعي للإلتزام بالنهوض بالوطن في كافة الميادين هو من يعمل على رفع نسبة المشاركة الإنتخابية عبر إدراك الناخب بأهمية صوته في تغيير مصير الشعب ووضع الوطن في الإتجاه الصحيح، وعليه فالشعب المغربي الذي يعاني من عدم إخلاص نوابه وممثليه يعاني من مشاعر الإحباط التي تدفعه إلى مشاعر عدم جدوى المشاركة في صنع القرار السياسي لكونه يدرك أن المشاركة الإنتخابية لن تغير الواقع ولن تحقق له متطلباته.
    خلاصته، إن ما يذهب إليه “صامويل هنتنغتون” في نظريته عن التحول الديمقراطي عبر إقرار دور الإنتخابات بإعتبارها جوهر عملية الإنتقال إلى الديمقراطية هي نظرية أثبتت نسبيتها في الحالة المغربية حيث يلاحظ التعايش التام بين المسلسل الإنتخابي والمظاهر السلطوية عبر إعادة إنتاجها بأشكال أكثر حداثة، فقد أثبت تراكم التجارب الإنتخابية بالمغرب أنها لا تقود بالضرورة إلى إفراز نخب موجهة لصناعة القرار السياسي نظرا لطبيعة وخصوصية النظام السياسي في المغرب بقدر ما تؤدي وظيفة تحديث بنية النظام السياسي دون تهديد لإستمرار مظاهر السلطوية، وبهذه النتيجة تؤدي الإنتخابات وظيفة هندسة التمثيلية السياسية التي تمارس من أعلى عن طريق الإدارة وبالأساس وزارة الداخلية التي تخطط للتمثيلية عبر الوسائل التقنية للإنتخابات المتعارف عليها مثل التقطيع الإنتخابي ونمط الإقتراع.
    عبد الإله شفيشو/فاس