المغرب .. شريك استراتيجي في إعادة تشكيل العلاقات الإفريقية-الأمريكية

  • بتاريخ : يونيو 23, 2025 - 3:20 م
  • الزيارات : 156
  • قلم الناس: متابعة

    في الوقت الذي تجتمع فيه الدول الإفريقية والولايات المتحدة الأمريكية في قمة الأعمال المنعقدة بلواندا، عاصمة أنغولا، يبرز المغرب كفاعل محوري في تعزيز التعاون الاقتصادي الثلاثي الأبعاد، بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ومكانته الريادية في دعم التكامل الإفريقي.

    لقد رسخ المغرب موقعه كقوة إقليمية موثوقة، بفضل مؤهلاته الاقتصادية وخبرته الراسخة في مختلف القطاعات الحيوية، إلى جانب انخراطه الفعّال في إعادة تموقع القارة داخل سلاسل القيمة العالمية. وبفضل هذا الزخم، بات المملكة شريكًا لا غنى عنه في بناء شراكة متكافئة بين إفريقيا وأكبر قوة اقتصادية في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية.

    ويترجم هذا الدور الريادي من خلال مشاركة وفد مغربي وازن في قمة لواندا، يضم مسؤولين حكوميين وممثلي مؤسسات كبرى من القطاعين العام والخاص، وفي مقدمتهم الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار، كريم زيدان، إضافة إلى ممثلي الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات (AMDIE)، والاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM)، والمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن (ONHYM)، والمكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF). ويرتكز جدول أعمال القمة على قطاعات ذات أولوية مثل الطاقات المتجددة، البنية التحتية، الاقتصاد الرقمي، التعدين، الفلاحة، والتكنولوجيا، وهي مجالات يتمتع فيها المغرب بخبرة تنافسية ومكانة إقليمية بارزة.

    وتأتي هذه القمة في ظرفية دولية دقيقة، حيث يشهد العالم تحولات كبرى في موازين القوى الجيوسياسية وإعادة تشكيل للاقتصاد العالمي، وهو ما يفرض على الدول الإفريقية تعزيز حضورها وإعادة صياغة علاقاتها مع القوى الكبرى. وتبرز إفريقيا كقارة الفرص، باقتصاداتها الصاعدة ومواردها الاستراتيجية، مما يجعلها وجهة جذابة للشركات الأمريكية والمستثمرين العالميين.

    وفي هذا الإطار، يواصل المغرب لعب دور الجسر بين إفريقيا وأمريكا، خاصة كونه الدولة الإفريقية الوحيدة التي تربطها اتفاقية للتبادل الحر مع الولايات المتحدة، مما يضعه في موقع استراتيجي لتعزيز الشراكة القارية مع واشنطن، على أساس من النفع المتبادل والاحترام المتبادل.

    انطلاقا من انتمائه القاري، وانسجاما مع التوجيهات الملكية السامية، انخرط المغرب في مجموعة من المبادرات الكبرى التي تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة لإفريقيا، مثل مشروع أنبوب الغاز العملاق الرابط بين نيجيريا والمغرب، ومبادرة إفريقيا-الأطلسية، ومبادرة Triple A لتكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية، إلى جانب مبادرات نوعية أخرى كإلغاء ديون عدد من الدول الإفريقية والمساهمة في إعادة تأهيل مشاريع حيوية مثل قناة بانغالان في مدغشقر.

    هذه المبادرات تعكس انخراطا مغربيا جادا في بناء مستقبل إفريقي يقوم على التكامل، والسيادة الاقتصادية، والانفتاح الذكي على الشركاء الدوليين، وضمنهم الولايات المتحدة.

    وفي سياق التحديات العالمية الراهنة، يبرز المغرب كفاعل ملتزم بتعددية الأطراف، وكمحور توازن بين الحداثة والأصالة، وكقاعدة استقرار إقليمي ومركز استراتيجي لربط إفريقيا بالأسواق العالمية. ومن هذا المنطلق، تُعد قمة الأعمال الإفريقية-الأمريكية فرصة سانحة لتعزيز الدور المغربي، وتوطيد تموقعه كشريك رئيسي في صياغة مستقبل التعاون جنوب-شمال، وجعل القارة الإفريقية فاعلًا لا مفعولًا به في التوازنات العالمية المقبلة.