بقلم : د : نوال بروحو :
باحثة بسلك الدكتوراة بطنجة تخصص القانون العام .
يعتبر التشريع البيئي لاستغلال المقالع بالمغرب من الآليات الأساسية التي تنظيم هذا القطاع الحيوي، حيث عرف تطورا ملحوظا منذ تولي الملك محمد السادس العرش، بدءا[1]“بظهير 08.01 المتعلق باستغلال المقالع الصادر 19 غشت 2002” الذي يعتبر أول ظهير صدر في حكمه [2] “إلا انه لم يطبق بسبب غياب نصوص تنظيمية خاصة به” وظل هذا الخصاص التشريعي لمدة 13 سنة الذي كان من الضروري إصدار ظهير شريف يعدله ويتممه لسد هذا الفراغ القانوني الذي عمر طويلا،مما استدعي الأمر بإصدار [3]“ظهير 27.13 بتاريخ 9 يونيو 2015” الذي عدل وتمم الظهير السابق وأتى بمقتضيات بيئية جديدة غير مألوفة في الظهير 08.01 أهمها تفعيل المخططات الجهوية لتدبير المقالع حسب [4]“المادة 4” مع ترسيخ المقتضيات الجهوية البيئية انطلاقا من معطيات الجهة التي تعتبر من أهم المرتكزات الأساسية للحديث عن الجهوية بمفهومها الحديث والتي تضم[5]“الابتكار الجهوي وفق معطيات الجهة ،دراسة التغيرات المناخية الناتجة عن الأنشطة الاقتصادية الجهوية التي تحث في مقدمتها على العنصر البيئي قبل الرفع بالاستثمارات الاقتصادية،تشجيع الابتكارات الجهوية البيئية حسب معطيات الجهة”
إذا كان التدبير الجهوي البيئي ظل من أهم الاستراتيجيات الأساسية في السياسات العمومية للدولة في هذا الظهير نظرا أنها تبين مجموعة من المميزات التي تميز كل جهة فانه من جانب أخر يمكن اعتبار التخطيط الجهوي البيئي أحد المقومات التي تعد من المفاتيح الأساسية التي تبين نقاط القوة والضعف التي تمتلكها كل جهة من جهات المملكة المغربية، إلى جانب المستجدات السالفة الذكر جاء هذا الظهير بمقتضيات إلزامية تحث على دراسة التأثيرات على البيئة بجميع أنواعها باعتبارها تبين الوضعية الحقيقية البيئية لمستغلي المقالع وفي نفس الوقت تقوم برصد التأثيرات على البيئة حسب[6]“المادة 11″حيث يبقى على مستغلوا المقالع الخضوع لمجموعة من المقتضيات القانونية كإلزامية وضع التقارير السنوية حسب ما بينته [7]“المادة 13” وهنا نرى نقطة اختلاف بين الظهرين حيث الظهير 08.01 في[8] “مادته 38 ” حدد رفع التقرير في كل ثلاث سنوات عكس ظهير 27.13 أحاله على مرسوم من طرف مكاتب الدراسات وحدد المشرع ثلاثة أنواع من التقارير مؤكدا على ذلك في العديد من المواد المادة 13 و43 و44 حيث قصد المشرع بالتقرير المذكور في المادة 13 أنه يتم رفعه للإدارة المعنية باستغلال المقالع أما المادة 43 فانه يرفع لرئيس الحكومة المتضمن لمجموعة من التدابير الأساسية مع الحلول المقترحة التي تراعي المحافظمة على البيئة وبالنسبة للتقرير المذكور في المادة 44 يكون يخص اللجنة الوطنية التي بدورها تقوم بتتبع استغلال المقالع وهذا معطى جديد جاء به المشرع فيما يعنى بأنواع التقارير التي ترفع لكل إدارة على حدى المعنية بهذا المجال حتى يتسنى للإدارة الساهرة على هذا القطاع تتبع الآليات التشريعية التي تضبط هذا المجال وعدم خرق المقتضيات البيئية من مختلف المجالات سواء أكانت تعنى باجتثات الأشجار وتهيئة الأرض كما أشارت له [9]“المادة 19″وهذا كان مغفول عليه في الظهير السابق الذي لم يلتفيت لتهيئة الأرض وما يتبعها من مستلزمات التشجير بطرق إحصائية التي يتم ا حتسابها علميا [10]“وبالمسافات الأفقية كل من المباني أو طرق المواصلات أو الآبار أو قنوات الماء أو المساقي أو الحظائر المجاورة للمساكن والمقابر ومن حدود مناطق حماية الملك العام المائي وضفافه الحرة والمناجم لا تقل عن عشرة أمتار بالنسبة للمقالع المكشوفة ” حيث نلاحظ أن المشرع قلص الأمتار والمسافات بعدما كانت في ظهير 08.01 [11]” تحدد تجويفات المقالع المكشوفة في مسافة أفقية لا تقل عن 20 مترا من حدود المحيط الذي تشمله رخصة الاستغلال “أ ما بالنسبة للمقالع الباطنية في علو التجويف احتفظ بنفس مسافة الأمتار التي كانت في الظهير السابق والمحددة في 20 مترا غير أن المشرع أجاز الاستثناء لما يعنى الأمر بالاكراهات الضرورية التي جاءت في[12]“المادة 21” التي تعنى بالصحة العامة والمبائي والارتفاقات العسكرية والمنشات وهذا أكد عليه المشرع في العديد من المواد كالمادة 21 ـ 25 ـ 27. نفس الشيء نجده في الظهير السابق حيث نجد هذا الاستثناء منصوص عليه في المواد 15ـ 32 ـ 36 مع وضع هذا الإجراء الاستثنائي الإداري رهن الجهة المختصة التي لها الصلاحية بهذا قصد التتبع البيئي ومراقبته وذلك لترسيخ مقتضيات المحافظة على البيئة كواجب قانوني ملزم في استغلال المقالع والتي أوجبها على مستغلي المقالع وشرط أساسي إلى جانب الشروط التوافقية الخاصة بالتوافق بين المخططات الجهوية لتدبير المقالع واستغلال المقالع الذي يشمل دراسة بيئية تخص لهذا الغرض كما حدده المشرع في[13]“المادة31 “.
[14]” إن وضع نصوص قانونية جديدة تنظم هذا القطاع الذي يعد بمثابة تعبير صادق عن رغبة أكيدة في اتجاه وضع حد لنظام يعتبر غير منصف ويشجع على انتشار الريع والامتيازات وبالتالي فمن الضروري اعتماد مقاربة تشاركية كفيلة بضمان مصالح الأطراف المعنية بالدولة ومستغلي المقالع وساكنة الجوار” لان المنفعة العامة شرط أساسي في مناهج السياسة الوطنية المعنية بمجال المحافظة على البيئة.
إرسال تعليق