حَتَّى الرَّجُل ضَحِيَّة العُنْف الأُسَري، فلِمَا يتَــألَّــم ولا يتَكَلَّــم؟

  • بتاريخ : ديسمبر 5, 2025 - 5:51 م
  • الزيارات : 137
  • قلم الناس
    عند الحديث عن العنف الأسري غالبا ما ينصبّ التركيز على النساء والأطفال كضحايا في حين يُغفل في كثير من الأحيان أن الرجال قد يكونون أيضا من بين المعرضين لهذا النوع من العنف بأشكاله المختلفة مثل الجسدي والنفسي والجنسي، وتوضح بعض الدراسات أن العنف ضد الأزواج منتشرا لكنه يبقى خفيا في المجتمعات العربية (المغرب نموذجا) بسبب البنية الإجتماعية الذكورية التي تحد من الإبلاغ، كما تشير إلى أن إرتفاع مستوى ثقافة ودخل الزوجة قد يؤدي إلى ممارستها هيمنة داخل الأسرة تسبب صراعات في توزيع الأدوار، وقد يصل هذا العنف الممارس ضد الرجال إلى حد التعذيب النفسي كالحرمان من رؤية الأطفال والإمتناع عن المعاشرة الزوجية أو الطرد من المنزل وأحيانا يصل إلى الحبس بسبب قضايا النفقة.
    يعتبر العنف ضد الرجال موضوع بحث مثير للجدل فالعدد الحقيقي للضحايا الذكور قد يكون أكبر مما تشير له بعض الدراسات بسبب وجود عدد منهم الذين لا يبلّغون عن الإساءة فقد يواجه الرجال الذين يبلّغون عن العنف الأُسري وصمة عار إجتماعية بسبب إتهامهم بنقص رجولتهم أو توجيه إهانات أخرى لذكوريتهم، ويُعتبر عنف الشريك الحميم ضد الرجال أقل ملاحظة بشكل عام من قبل المجتمع من عنف الشريك الحميم ضد النساء وهذا يضع عائقا آخر أمامهم للتبليغ عن الحالة، كذلك فإن وجود درجة من القبول الإجتماعي والثقافي بأن أذية النساء للرجال هي رد للأذية التي بدأها الرجال ضد النساء يعد عاملا إضافيا لعدم البوح بالأمر من قبل الرجال.
    إن الفكرة القائلة إن الرجال يرتكبون الغالبية العظمى من أعمال العنف المنزلي هي فكرة راسخة بقوة في الفكر الشعبي وأن العنف المنزلي مقتصر بشكل مؤكد على الرجال فقط وأن المرأة لطالما لعبت دور الضحية إذا ما حدث نزاع ما داخل الأسرة، وبنظرة سطحية إلى المعطيات والتوجه الفكري العربي/ المغربي سيكون هذا منطقيا جدا لأن الرجل العربي/ المغربي الذي يتعرض للعنف المنزلي يجد صعوبة بالغة في التبليغ عن ذلك حتى إن حالات التبليغ من طرفهم قليلة أو شبه منعدمة، ففي بحث إستكشافي وجد أنه نادرا ما يتم تسجيل شكاوى العنف ضد الرجال وهو وضع لا يسمح حتى الآن بتحديد الحجم الحقيقي للرجال الذين يعانون من هذا العنف غير المرئي وترجع الصعوبة إلى عدة عوامل أبرزها الصورة النمطية للرجل فيما يتعلق بما هو متوقع منه كرجل فهو رب الأسرة وهو الحامي ورمز القوة إضافة إلى الكبرياء ويضاف إلى ذلك الخوف من السخرية فمثلا أنه لو قدم رجل ما شكوى للشرطة لربما سخر منه الشرطي.
    بعيدا عن الصمت والوصمة الإجتماعية التي تحيط بهذه المعاناة تُبرز الدراسات حاجة ملحة لتكثيف الدعم والوعي بقضية العنف الأسري ضد الرجال وتطوير آليات حماية فعالة تضمن لهم الأمان النفسي والجسدي، وهنا لسنا بصدد تجريم المرأة ولا الإنتقاص من قيمتها فهي ذات عزة نفس ومستوفية لكامل حقوقها ولا بصدد إهانة الرجل أو إظهاره في موقف ضعيف، لكن وجب دراسة ومعالجة مشاكل الأسرة بعيدا عن المنطق أحادي الجانب ما قد يمنحنا مستقبلا الضوء الأخضر للمضي قدما، فهذا توجيه للرجال والنساء بأن لا يستأسد أحدهما على الآخر فلا الرجل يتفاخر بذكوريته ولا المرأة تتخلى عن أنوثتها وتتنمر على الرجل فالعنف ممنوع ضد كل أفراد الأسرة.

    عبد الإله شفيشو/فاس