كتاب الأسبوع:”سيكولوجيا الجماهير”

  • بتاريخ : نوفمبر 24, 2024 - 10:58 ص
  • الزيارات : 93
  • قلم الناس: الثقافي

    اعداد:س.أميرة

    حين تبدأ في قراءة كتاب أو نص يتحدث عن الاستعباد الطوعي، تجد نفسك أمام فكرة تنبش في أعماق السلوك البشري. وهنا، يمكن أن نستحضر المفكر الفرنسي غوستاف لوبون في كتابه الشهير “سيكولوجيا الجماهير”، الذي تناول فيه كيف يمكن للجماهير أن تتكيف مع الاستبداد وتتبنى الطغيان طواعية. لوبون يرى أن الطغيان لا يستمد قوته من الحاكم بحد ذاته، بل من قابلية الجماهير للخضوع واستعدادها للتخلي عن التفكير النقدي، ليصبح الاستبداد حالة اجتماعية مألوفة.

     

    “المواطن القانع” – قراءة من كتاب لوبون

     

    وفقًا لتحليل لوبون في “سيكولوجيا الجماهير”، الفرد داخل الجماهير يفقد استقلاله ويصبح أكثر استعدادًا للتنازل عن حقوقه، مما يؤدي إلى ما يمكن أن نسميه “المواطن القانع”. هذا المواطن ينحصر في دائرة اهتماماته الضيقة التي تغنيه عن التغيير أو الحرية. يمكن تلخيص اهتماماته في ثلاث نقاط رئيسية:

     

    1. الأمان الاقتصادي

    المواطن القانع لا يهتم بحقوقه السياسية أو العدالة الاجتماعية. جلّ اهتمامه ينصبّ على لقمة العيش التي تضمن بقاءه، حتى لو كانت حياته فاقدة لأي معنى حقيقي. المهم بالنسبة له هو الاستمرار، دون مواجهة النظام القائم.

     

    2. الرياضة كمهرب نفسي

    كرة القدم أو الرياضة بشكل عام تصبح للمواطن القانع وسيلة للهروب من واقعه. يجد فيها عدالة مفقودة في حياته اليومية، وانتصارات تعوضه عن الإخفاقات في واقعه الشخصي، وكل ذلك دون أي مجازفة أو تكلفة حقيقية.

     

    3. الدين كإطار طقوسي

    الدين بالنسبة لهذا المواطن ليس وسيلة لإصلاح الواقع أو تحقيق العدالة، بل مجرد طقوس تعطي شعورًا بالراحة والطمأنينة. يكتفي بممارسة الشعائر دون التفكير في جوهرها أو ربطها بالسلوك الأخلاقي والاجتماعي. المهم بالنسبة له هو الشكل، لا المضمون.

     

    لوبون والتغيير المستحيل؟

    من وجهة نظر غوستاف لوبون، الجماهير في حالتها المقمعة تصبح العقبة الأكبر أمام التغيير. هذه الجماهير تستسلم للطغيان ولا تقاومه، بل تساهم في ترسيخه من خلال دعم الأنظمة القائمة أو السلبية تجاهها. والتغيير لن يتحقق إلا إذا استعاد الأفراد داخل الجماهير وعيهم النقدي وخرجوا من دائرة السلبية والخضوع.

     

    ختامًا

    ربما لم يتخيل لوبون يومًا وجود شعوب بأكملها تعيش وسط الاستبداد والصراعات، ومع ذلك تتكيف مع القمع وكأن شيئًا لم يكن. إذا كنت ممن يسعون لفهم هذه الديناميكيات الاجتماعية بشكل أعمق، اترك تعليقًا بكلمة “مهتم” لنكمل الحديث في منشور قادم.