غريب أمر هذا المجلس الوطني، أليس من بينهم رجل يتمتع بمستوى تعليمي جامعي على الأقل، خالي من أشباه شواهد وديبلومات من تونس ومصر وباقي الدول العربية، وبعض أنصاف المؤهل العلمي للمعاهد الأجنبية الغير المعترف بها والغير المصنفة، والتي يتم استجلابها واستيرادها لتوزيعها على ” لي ما كملوش قرايتهم ولي ساقطين في البروفي والباك “. أليس من بينهم صحافي حامل للدكتوراه، حتى يستطيع استيعاب ما كتبه السيد مستشار الوزير الذي يشهد له المجتمع التعليمي والثقافي والحقوقي بكفاءاته الأكاديمية المفرنسة أكثر منها المعربة. والمتخصص في مجال القانون ورئيس مركز الدراسات ….
ففي الوقت الذي كان على رئيس المجلس الوطني أن يستعين بصحافيين ومنابر إعلامية تتمتع على الأقل بمستوى تعليمي يمكنها من الرد على الدكتور مستشار الوزير المكلف بالاتصال بأسلوب قانوني وتحليل مهني، عمد إلى تحريك البيادقة والبلطجيين الذين يستعين بهم في مؤامراته ضد معارضيه في الجسم الصحافي، وضد بعض مؤسسات الإعلام العمومي وبعض مسؤولي القطاع الوصي. الذين يشهد لهم المهنيون والأكاديميون والإدارة العمومية بكفاءاتهم ونزاهتهم ومصداقيتهم، والدين لا يخشون لومة لئيم أو تمرد جاهل، لأنهم بكل بساطة بطونهم فارغة من العجين.
ولكن ولله الحمد الإعلام لم يمت ومازال الصحافيون المثقفون في هذا البلد العزيز أحياءا. كما أن المواطن والقارئ لم تعد تنطلي عليه مثل هذه الردود والخراجات الرعناء. فالعبارات التي لجأت إليها بعض المنابر المحسوبة على الإعلام وعلى المجلس الوطني، والتي تخفي مستواها التعليمي الضعيف وراء أسلوبها في التحرير والكتابة باللغة الدارجة، علما أن الموضوع الذي حاول هذا المنبر معالجته للرد على الدكتور مستشار الوزير، هو موضوع قانوني وأكاديمي يطرح إشكاليات دستورية وتشريعية وليس خبرا يزفه وللأسف للرأي العام بهذا الأسلوب الركيك الذي لا يمت بصلة للغتين معا العربية والدارجة المغربية.
كما لجأ السيد رئيس المجلس إلى إحدى المنابر المحسوبة عليه حزبيا وسياسيا. للرد على السيد الدكتور السموني الشرقاوي خالد مستشار الوزير المكلف بقطاع الاتصال. والتي وللأسف أبانت على يد محررها على مستوى متدني في أخلاقيات المهنة. معتقدا أن ثقافته الشعبوية و”تخراج العينين” و “التحياح ” في الجموع النقابية ستنفع بالرد على دكتور من جحم السموني. الذي كان ينتظر ردودا وتعقيبات والشروحات ممن “محزم بهم رئيس المجلس” في مستوى النقاش والجدال القانوني. واعتماد وسائل الإقناع والانتقاد المتعارف عليها علميا وأخلاقيا ومهنيا وثقافيا. إلا أن الرجل لمس في أغلب الأقلام التي هاجمت رده على رئيس المجلس الوطني، ضعفا في البنية الثقافية والتكوين العلمي. مما يؤكد أن غالبية هذه المنابر المسخرة إما أنها :
– لم تقرأ الحوار الذي أجراه رئيسهم كاملا.
– أو استعملت مقتطفا من سياق الحوار لتضليل الراي العام، كفصل آية “ويل للمصلين” عن سياق السورة
– أو لم تطلع على الحوار من أصله، وتلقت فقط التعليمات للهجوم والانتقاد اللادغ.
– أو أن من اعتمد عليهم رئيس المجلس لا يقرأون اللغة الفرنسية.
فالدكتور خالد السموني كان رده على تصريح يونس مجاهد الذي أجرى حوارا مع مجلة “ماروك ايبدو” يوم 24 مارس واضحا ومؤسسا على القانون ومبنيا على خلاصة مضامين الحوار، وعبارات مركزة ومؤثرة بعينيها. ولم يقصد بذلك العبارة الفضفاضة التي تدخل في إطار تلفيف الكلام لتمرير خطابات ملغومة، والتي ركزت عليها وللأسف المنابر المحسوبة على الاعلام لتغليط الرأي العام. دون اعتماد مبادئ وأخلاقيات المهنة التي تفترض الإلمام بحقيقة الموضوع وجوانبه ومصادره. حيث تم الارتكاز فقط على العبارة التالية :
sur le plan juridique le ministère n’a pas à se concerter avec le Conseil National de la Presse, a ce propos
لكن بالرجوع إلى تصريح رئيس المجلس كاملا، يتبين أن الرد انصب على النص التالي:
**La concertation se fait, selon les termes de la loi, au sujet des lois, des décrets ou des procédures administratives*
ترجمته إلى اللغة العربية:
*يتم التوافق وفقا لشروط القانون حول موضوع القوانين و المراسيم أو الاجراءات الادارية*
وهذا يفيد أن الوزارة يجب أن تتوافق مع المجلس الوطني للصحافة حتى بالنسبة للاجراءات الادارية.
أولا : عبارة التوافق لم يشر اليه القانون رقم 90.13 المحدث للمجلس ، و إنما أشار إلى ” إبداء الرأي” .
ثانيا : حسب ما يفهم من تصريح رئيس المجلس أن الوزارة كان ينبغي عليها قبل الدعوة إلى تعليق إصدار المطبوعات الورقية( على أساس أنه إجراء إداري )، أن تتشاور( أكثر من ذلك أن تتوافق ) مع المجلس ، وهو أمر غير ملزم لها من الناحية القانونية، فهي أصلا لا تطلب من المجلس إبداء الرأي إلا في شأن مشاريع القوانين و المراسيم، و ليس القرارات الإدارية.
ولذلك ، نرى أن السيد السموني خالد كان موفقا في رده و مدركا لما يقول و متقنا للترجمة من الفرنسية إلى العربية.
أكثر من ذلك ، فقد جاء في التصريح،” أنه لا يحق لوزارة الثقافة أن تقرر أي شيء يتعلق بقطاع الصحافة”.
*Le ministère de la culture n’a pas le droit de décider quoi que ce soit concernant le secteur de la presse*
مما كان واجبا على القطاع الحكومي توضيح هذا اللبس بالرجوع إلى القوانين، وهو ما فعله مستشار الوزارة في رده عندما حاول توضيح مجال الاختصاص لكل من قطاع الاتصال والمجلس، ليخلص إلى أن السلطة الحكومية لها اختصاص أصيل في مجال تنظيم مهنة الصحافة.
منقول عن منبر 24