يؤكد الاستاذ محمد القاضي ،الكاتب المغربي ،على أن العديد من الباحثين المهتمين بالتراث الشعبي ،أجمعوا على أن الثقافة الشعبية هي مجموع الفكر الشائع داخل الأوساط الشعبية، ويشمل طرف الإدراك الخاصة بالمجتمع الذي يجتث في إطاره باعتباره جزءا من الإنتاج الذهني الشعبي في فترة معينة. وتنتج عن هذه الثقافة الشعبية الطقوس والأعراف وفنون القول وأشكال العمران وغيرها، وهي ليست جامدة وإنما هي قوة خلاقة للعمل والإنتاج الجماعي. وبما أن بصمات الماضي تبقى بارزة في حياتنا العمومية والاجتماعية، بل ربما شكلت اختيارا سياسيا وثقافيا وشعارا للذين يرفضون التطور مبدئيا، وهو ما نلمسه ونعايشه في المغرب، مع ظاهرة تقديس (الأولياء) أو (الصلحاء) أو (السادة) أو (المرابطون) أسماء متعددة والمعنى واحد. ثم المكانة المتميزة التي يحظى بها هؤلاء لدى طائفة كبيرة من المجتمع المغربي على مختلف مستوياته الفكرية ودرجات وعيه وإيمانه، والاعتقاد السائد أن هؤلاء (الأولياء) هم قادرون، ويتوفرون على علاقة خاصة بالله تجعلهم في موقع يمكنهم من لعب دور الوساطة، ويتوفرون على ميزة (البركة). ويشار في هذا المجال كما يقول استاذنا الدكتور عباس الجراري أنه مازال متداولا حتى الآن، من أن لكل مدينة أو قرية (ضامنها) و (حاميها) كما هو الشأن مثلا بالنسبة لمولاي إدريس في فاس، وسيدي بنعيسى في مكناس. وقد يتعددون على نحو سيدي أحمد اليابوري ومولاي إبراهيم وسيدي العربي السائح في الرباط، وسبعة رجال في مراكش، وهم: يوسف بن علي الصنهاجي، والقاضي عياض، وأبو العباس السبتي ومحمد بن سليمان الجزولي، وعبد العزيز التباع، وعبد الله الغزواني، وعبد الرحمن السهيلي1. ومولاي علي بن راشد في شفشاون، وسيدي المنظري وسيدي السعيدي في تطوان ودار الضمانة (مولاي علي الشريف) بوزان، وسيدي بن عاشر وسيدي بن حسون في سلا، وسيدي بوعراقية في طنجة، وللا منانة المصباحية بالعرائش، وسيدي علي بوغالب بالقصر الكبير، وسيدي بوليوط بالدار البيضاء، وسيدي عبد الله أمغار بالجديدة، وغيرهم كثير في باقي المدن والقرى المغربية… أولياء لكل تاريخه وكراماته وطقوسه، والغريب في الأمر أن عددا كبيرا منهم ينحدرون من الفئات الاجتماعية الدنيا.
ويعتبر المغرب البلد العربي الوحيد في شمال إفريقيا، الذي يحتل فيه (الأولياء) مكانة جد متميزة في المتخيل الشعبي حيث تحظى أضرحتهم بقداسة تمزج الديني بالخرافي، وتستثمر كما يقول الباحث المغربي الدكتور الحسين بو لقطيب: «الرأسمال الرمزي للأسطورة بغاية تحقيق أهداف تجارية واضحة إلى جانب أهداف أخرى مستترة»2 فلا تخلو مدينة أو قرية من أضرحة يطلق عليهم (رجال البلاد)، والوافد إليها من الغرباء يردد (شيلاه أرجال لمكان) ظنا منه أنه بهذا يستأذن سكانه والثاوين فيه، ويتأدب معهم ويسالمونه ويعلنون أنهم لن يؤذوه.
لالة عائشة العدوية
ـ لالة عائشة العدوية: عاشت في القرن 17 عشر، وتوفيت سنة 1669.اشتهرت بالولاية، فكانت بهلولة ذات أحوال ومكاشفات. توجد مزاراتها في الحي المنسوب لها قرب حي سدراتة، وضريحها لا يتوفر على قبة، وهو عبارة عن قاعة مستطيلة تضم دربوزا خشبيا، ويوجد بجانبه مسجد صغير، وتتم الزيارة حاليا من النافذة فقط.
إرسال تعليق