أكدالعديد من رجال الصحافة والاعلام خلال ندوة “السلطة الرابعة في ظل رهان التنمية”، أمس الأربعاء برحاب المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، من تنظيم جمعية المعهد، احتفالا بالذكرى الخمسينية لتأسيس المعهد الصحافي على التأثيرات السلبية على الصحافة المهنية ،والخلط بين مهنة الصحافة والكتابة في الوسائط الاجتماعية ، حيث شدد يونس مسكين، على كون الحرية هي “الإسمنت الحقيقي للصحافة، ولا يمكن الحديث عن مستقبل حقيقي في غيابها، وأن الصحافة اليوم في المغرب تعاني، والتكوين الصحفي لا يمكن أن يخرج عن معاهد التكوين، فالممارس المهني يجب أن يكون ضابطا للقوانين والأخلاقيات”.
هذا و ناقشت الندوة رهانات الرقمنة، ومدى درجة أثر التطور التكنولوجي على طريقة عمل الصحافة بالمغرب. مدير الأخبار بوكالة المغرب العربي للأنباء رشيد الماموني، اعتبر أن رهان الأخلاق مسألة أساسية لفتح النقاش حول خطورة ما يطلق عليه “صحافة المواطن”، و”الذي ليس له تكوين وهو يمارس حرية التعبير وفي رأيه يمارس صحافة”. وعن هدفه في نشر الأخبار السريعة، قال الماموني إن “الحرب من أجل بث الخبر بسرعة هي حرب خاسرة بالنسبة لنا”، حسب قوله. وأضاف الماموني أن الصحافي “يجب أن يكون ذو تكوين مهني، فلا يمكن مثلا أن تجد طبيبا بدون تكوين، فالصحفي يجب أن يكون حاصلا على تكوين وملتزم بأخلاقيات المهنة، ويبث الخبر الدقيق بقواعده، والرهان الأساسي هو البحث عن الخبر الصحيح”. في نفس السياق، أعرب مراسل شبكة العربية بالمغرب عادل الزبيري، أن “البوز” أو “الطاندانس” دمر الكثير من الأشياء الجميلة داخل المجتمع المغربي، وجعل الناس يتابعون مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الفضائح والكوارث. وأشار الزبيري إلى كون الصحافة المغربية تمر بمحنة كبيرة، قائلا: “أصبح هناك خلط بين المهنة وبين فيديوهات الروتين اليومي”، مشددا على “ضرورة الفصل بين مواقع التواصل الاجتماعي والمهنة الجميلة، وأنه لا يمكن لكل من يكتب الأخبار في فيسبوك القول أنا صحفي، فهذه انتحال صفة”، وفق تعبيره. وأكد الزبيري على “الحاجة اليوم إلى مراجعة قانونية لتحديد من هو الصحفي وما هي المهن الصحفية، والمسؤولية مشتركة بين الصحفيين المهنيين والحكومة والبرلمان فضلا عن المواطن”، منتقدا كون الصحف الكبرى في المغرب لا تتوفر على حضور قوي في الأنترنت. وفي تعريفه للصحافي المواطن أو الصحافي الفيسبوكي، أشار المتحدث إلى أنهما “مجرد تسميات ظهرت بعد سنة 2011 فيها الكثير من الظلم للصحافة في العالم، وهؤلاء أشخاص أرادوا اقتحام عالم ليس لهم، فلا يمكن الحديث مثلا عن طبيب مواطن أو مهندس مواطن أو فلاح مواطن، لكل مهنة قواعدها بالقانون والمهنيين”. وجوابا عن سؤال: “ما معنى أن تكون صحافيا؟”، شدد الزبيري مرة أخرى على أنه “لا توجد صحافة رقمية بل توجد حوامل ومنصات يمكن للصحفي المهني أن يبث من خلالها الخبر”، وأصفا أن “المهني يكتب الخبر في الجريدة ويذيعه في الإذاعة، ويبثه في تقرير تلفزيوني، ويمكن له كتابته كتغريدة بصورة أو بدونها”. من جهته، اعتبر مصطفى سوينكة، مدير شركة إنتاج محتوى رقمي، أن الصحافيين الرقميين “لا يؤطرهم القانون المهني، والمسؤول عن نشرهم فقط هو ضميرهم،” مردفا بالقول إنه “يمكن القول أنهم ناقلي المعلومة”. ولفت سوينكة إلى أنه في المغرب أصبحت الغاية ليست هي مصداقية الخبر، “ولي كيعرف يغوت مزيان هو اللي يكسب”، مشددا على أنه “كانت المهنة ستكون سهلة لو قلنا في نهاية كل خبر: الله أعلم”. وفي نفس الإطار، قالت المختصة في تحليل المحتوى الإعلامي والرقمي شامة درشول، إنه لا “يمكن القول إن الرقمنة أثرت سلبا على الصحافة، لأننا في تطور وولادة الحفيد لا تعني قتل الجد”، حسب قولها.
إرسال تعليق