قلم الناس: متابعة
أكد أستاذ قانون الأعمال والاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء والمستشار الوزاري السابق، بدر الزاهر الأزرق، أن الأسواق المخصصة لأضاحي العيد تغيب هذه السنة كما هو معتاد في مثل هذه الفترة من السنة. وأضاف أن أسعار رؤوس الأغنام شهدت انخفاضا ملحوظا مقارنة بالأشهر الماضية، وذلك في ارتباط مباشر بمنطق العرض والطلب.
وأوضح الأزرق في تصريح صحفي لإحدى المواقع الالكترونية، أن القرار المتعلق بإلغاء شعيرة ذبح الأضاحي لم يكن مفاجئا، بل سبق اتخاذه في مناسبات سابقة، غير أن ارتياحا عاما طبع تفعيله هذه السنة، خاصة بعد صدور القرار الملكي عقب عرض معطيات دقيقة حول إحصاء القطيع الوطني، والتي كشفت عن تراجع في أعداده.
وأشار إلى أن هذا القرار كانت له انعكاسات مباشرة على أسعار اللحوم، التي انخفضت إلى ما دون عتبة المئة درهم، حيث تراوحت ما بين 80 و90 درهما للكيلوغرام الواحد، بعدما كانت تتجاوز 120 درهماً في الأشهر الماضية. واستدرك قائلا: “رغم هذا الانخفاض، إلا أن الأسعار لا تزال مرهقة بالنسبة للقدرة الشرائية للطبقات الفقيرة، خصوصاً أن الحد الأدنى للأجور في البلاد لا يتعدى 3500 إلى 4000 درهم، وهناك آلاف المواطنين ممن يتقاضون أقل من ذلك”.
واستنتج الأزرق أن السوق سيشهد استقرارا نسبيا في الأسعار خلال المرحلة المقبلة، ريثما تتم إعادة تشكيل القطيع الوطني، مشيراً إلى أن العديد من الأسر المغربية باتت تفضل اللحوم البيضاء والسمك، خاصة السردين، الذي يتراوح ثمنه بين 15 و30 درهماً للكيلوغرام، كما أبرز وجود استراتيجية وطنية عُرضت أمام جلالة الملك، تروم إنعاش القطاع الحيواني، مؤكداً أن مسألة إعادة تكوين القطيع مسألة وقت فقط.
وأضاف أن موسم الأمطار الذي عرفته البلاد هذه السنة سيخفف من الضغط على الفلاحين، الذين لن يكونوا مضطرين، كما في فترات الجفاف، إلى بيع مواشيهم بشكل مكثف، وهو ما سيساهم في الحفاظ على استقرار العرض داخل السوق، وبالتالي توازن الطلب والتموين.
من جهته، صرح مدير مرصد مراقبة العمل الحكومي، الخبير الاقتصادي محمد جدري، أن المغاربة رحبوا بقرار إلغاء شعيرة ذبح الأضاحي هذه السنة، في ظل التدهور الواضح لقدرتهم الشرائية. وأضاف أن “أغلب الأسر ذات الدخل المحدود ستكتفي بشراء بعض الكيلوغرامات من اللحم يوم العيد”، لافتاً إلى أن تكلفة العيد باتت ترهق كاهل الأسر المغربية، خاصة بعد تضاعف أسعار اللحوم خلال السنوات الأربع الأخيرة. وأوضح جدري أن هذا القرار الملكي سيساعد على تسريع وتيرة تعافي القطيع الوطني، على أمل أن يستعيد عافيته الكاملة في أفق سنة 2027.
وفي سياق متصل، استند جدري إلى معطيات حديثة للمندوبية السامية للتخطيط، أشارت إلى انخفاض نسبة التضخم السنوي إلى 0.7% خلال شهر أبريل، مقابل 1.6% في مارس، وذلك بفضل تراجع أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية، كما أشار إلى انخفاض مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.3% على أساس شهري، وتراجع عدد الفقراء في المغرب بنسبة 37.5%، من أربعة ملايين شخص سنة 2014 إلى 2.5 مليون في سنة 2024، وفق إحصائيات نشرت يوم 22 ماي الجاري.
واستنتج الخبيران أن الظرفية الاقتصادية الحالية، وإن كانت لا تزال تواجه تحديات، فإنها تتيح فرصا ملموسة لتثبيت التوازن الاجتماعي، وتعزيز الأمن الغذائي، وتهيئة الأرضية لتكوين قطيع وطني مستدام، قادر على تلبية الحاجيات الاستهلاكية للسنوات المقبلة.
إرسال تعليق