بقلم :ذ- يوسف السوحي
كثر الحديث في العاصمة الاسماعيلية هذه الايام ،عن وقوع جرائم متنوعة بين الاغتصاب والقتل والاختطاف،وانتشرت بشكل غريب في مجمل احياء المدينة ،سواء منها الاحياء الشعبية أو الاحياء المستحدثة،وعرف الشارع المكناسي ردود أفعال متباينة حول الاسباب الحقيقية التي تدفع شباب في ربيع العمر الى ارتكاب جرائم فظيعة في حق الاطفال،والشباب..،فهناك من أرجع أسباب هذا الاسهال في الجرائم الذي أصاب جسم الحاضرة مكناس ،يعود بالاساس إلى ارتفاع معدلات البطالة والهشاشة والفقر في مدينة كتب على أبنائها أن يجنوا عواقب التدبير العشوائي لشؤونها منذ سنوات خلت، واخفاقات السياسيين والمنتخبين ،الذين اغتنوا على حساب المال العام بعد افقارها ، وانتشار بيع مختلف انواع المخدرات بدءا “بالسليسيون والحشيش والشيشة وصولا الى السم الزاحف “القرقوبي” والقطارة” ومختلف الانواع التي أصبحت في متناول اطفال وشباب المدينة ،وتباع امام أبواب المدارس وفي المقاهي وعلى قارعة الطريق..،بالاضافة الى غياب دور الاسر المغربية في التربية، وضعف مردودية مؤسسات الوساطة كالجمعيات وقلة امكانياتها المالية والبشرية، وجعل أغلبيتها يلهث وراء دعم الجماعة أو الجهة ،الأمر الذي كان سببا كافيا في تشكل خلل مجتمعي واضح ،تتحمل مسؤوليته مؤسسات الدولة المكلفة بالرعاية الاجتماعية والتربوية والتنموية،ومؤسسات الوساطة ووسائل الاعلام ..
وهناك فئة اخرى تؤكد على أن العاصمة الاسماعيلية هي عبر التاريخ ضحية لوسائل الاعلام ،وأن ما يقع اليوم بمكناس هو جزء بسيط مما يقع في معظم المدن المغربية ،بسبب غياب الاثار الاقتصادية والتنموية على الفئات الاجتماعية،وغياب توزيع عادل ومنصف للثروة بمفهومها الشامل ،بالاضافة إلى ترسيخ المفهوم الخاطئ للحرية وحقوق الانسان ، وتغليب كفت الحقوق على الوجبات ،وضعف المنظومة الامنية وتخلّفها عن مواكبة التطور الذي اضحت تعرفه الجريمة والمجتمع ، مما تسبب في وجود خلل أمني مردّه الى انتشار العمران والهجرة الداخلية وغياب شرطة القرب ،بالاضافة الى قلة الموارد البشرية واللوجيستيكية بقطاع الامن،بالرغم من المجهودات الذاتية التي تبذلها الفرق الامنية المختلفة ،ونجاعة تدخلاتها في الكثير من الاحيان .
إن حالة التيه التي أصبحت تحيط بخاصرة ساكنة العاصمة الاسماعيلية ،هي انعاكس طبيعي لفشل السياسة الحكومية في تدبير مختلف المجالات وخصوصا الاجتماعية منها (الثقافة،الصحة،التشغيل،الرياضة …) ونتاج كذلك لمستوى التدبير الجماعي للمدينة والذي خلف للاسف الشديد كوارث على مستوى البنيات التحتية الاساسية ،وخلق لنا أحياء اسمنتية لاتتوفر لا على دور الشباب ولا على أندية نسوية أو ملاعب رياضية ..،ساهمت بشكل كبير في تزكية البعد الاجرامي لدى ساكنتها ،وشكل الفراغ المحفز الاساسي لارتكاب الجرائم كأسلوب يعبر عن الرفض المطلق للواقع المعاش .
إرسال تعليق