بقلم : المختار السريدي.
ما من وظيفة أو مهنة منظمة تنظيما قانونيا إلا ولها أسرار معلومة لايعلمها ولا يدرك خباياها وخفاياها إلا خاصتها ، والأسرار قد تختلف باختلاف طبيعة الوظائف والمهن سواء من حيث درجة السرية أو الضرر أوالإضرار بهذا الحق أو ذاك أو نتيجة للقيام أو عدم القيام بهذا العمل أو ذاك ، وكل بوح أوإفشاء لهذه الأسراربطريقة أو بأخرى يعد ضربا من ضروب الجرائم التي يعاقب عليها القانون ، ولذلك فإن العديد من القوانين والأنظمة تلزم بكتمان السر المهني والحفاظ عليه خشية المساس بالسير العادي للوظيفة أو المهنة أو انتهاك حرمتها أو تجاوز الخطوط الحمراء المرسومة حواليها ، ومن تم فلا قيمة لأية مهنة إذا لم يكن هناك حفاظ على السر المهني وهذا الأخير لا يمكن أن يكون مجديا وفعالا وذا مصداقية ما لم تكن هناك مقتضيات قانونية زجرية تفرض عقوبات على كل مخالف أومخل سواء كان فاعلا رئيسا أو مساهما أو مشاركا ، حتى لاتفقد المهنة أو الوظيفة هيبتها ووقارها وسيرورتها (1).
ومع ذلك فإن أغلب القوانين لم تعط للسر المهني تعريفا محددا وموحدا نظرا لما تخلقه التعاريف من إشكالات إن على مستوى الواقع أوعلى مستوى التطبيق ، فما يعتبر سرا مهنيا في هذا البلد لايعتبر كذلك في البلد الآخر وما يعتبر سرا مهنيا بالنسبة لهذه الوظيفة أو المهنة لا يعتبر كذلك بالنسبة للوظيفة أو المهنة الأخرى ، ومع ذلك فمسألة كتمان السر المهني أوما يسمى بالحفاظ على السر المهني الذي يؤدي عليه الموظف أو العامل أو المستخدم أو أصحاب المهن الحرة قسما أو يمينا سواء أمام العدالة أو غيرها ، لم يعد له اليوم – مع الصحوات القانونية التي عرفتها العديد من البلدان والأنظمة – نفس المدلول الشاسع الواسع الذي كان له من ذي قبل ولم يعد قاعدة عامة يمكن التمسك بها والإستتار خلفها ، بل أصبحت له استثناءات تتجلى في حق الغير في الوصول إلى المعلومة واستثناءات أخرى منصوص عليها في القانون لها ارتباط بما هو سياسي وأمني ودفاعي وحقوقي…
وفي هذا الصدد جاء الفصل 127 من دستور2011 الذي يقول بحق المواطنين والمواطنات المغاربة في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارات العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام ، ولايمكن تقييد هذا الحق إلا بمقتضى القانون بهذف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي والحياة الخاصة للأفراد وعدم المس بالحقوق والحريات وحماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة . أما قانون الوظيفة العمومية المغربي في فصله 18وأثناء حديثه عن حقوق وواجبات الموظفين فقد ورد فيه ما يلي : « بقطع النظر عن القواعد المقررة في القانون الجنائي فيما يخص السر المهني ، فإن كل موظف يكون ملزما بكتم سر المهنة في كل ما يخص الأعمال والأخبارالتي يعلمها أثناء تأدية مهامه أو بمناسبة مزاولتها.
ويمنع كذلك منعا كليا اختلاس أوراق المصلحة ومستنذاتها أو تبليغها للغير بصفة مخالفة للقانون
وفيما عدا الأحوال المنصوص عليها في القواعد الجاري بها العمل فإن سلطة الوزير الذي ينتمي إليه الموظف يمكنها وحدها أن تحررهذا الموظف من لزوم كتمان السر أو ترفع عنه المنع المقرر أعلاه»
فالموظف العمومي من خلال هذا النص تقع على عاثقه مسؤولية جسيمة تتمثل في التزامه بكتمان السر المهني أثناء تأديته لمهامه الوظيفية سواء بالنسبة للأعمال التي يقوم بها أو الأخبار التي يعلمها أو الأوراق والوثائق والمستنذات التي يحوزها ، وإلا تعرض لعقوبات قانونية تختلف باختلاف طبيعة ونوعية وحجم الجرم الذي قام به . أما عن عقوبة من يفشي بالسر المهني فقد تحدث عنها القانون الجنائي وأفرد لها بعضا من فصوله خصوصا الفصل 446 الذي جاء فيه بأن كل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة إذا أفشى سرا أودع لديه وذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه ، يعاقب بالحبس من شهرواحد إلى ستة (6) أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم.
أما في عالم الضرائب والجبايات فالأمر يبدو واضحا لاغشاوة عليه ، إذ أن مصطلح السر المهني فيه يعد مرادفا من مرادفات الحفاظ على الأمانة والقيام بالواجب على الوجه القانوني الأمثل والصحيح ، وتلك مسؤولية تطوق عنق كل مفتش أوموظف أو عون ضريبي يملك من الملفات والوثائق والأوراق والمستنذات والعقود المثقلة بالأسرارسواء المتعلقة بالإدارة الضريبية أو بالمتعاملين معها ، والتي لايمكنه الإفراط والتفريط فيها أو البوح بها أو إزاحة غطاء السرية عنها أو تسليمها بغير وجه حق أو إلى غير مستحقيها، وذلك نظرا لأهميتها وقيمتها وحساسيتها وتأثيرها على مجرى الضريبة سواء من حيث ربطها وفرضها أو تصحيحها ومراقبتها أو تحصيلها واستخلاصها أو المنازعات المتعلقة بها أكانت تلك المنازعات إدارية أم قضائية أم أمام اللجان الضريبية.
وكل هذه المراحل التي من الممكن أن تمر منها هذه الضريبة أو تلك ، على مفتش الضرائب أن يكون على بينة منها وأن يتوخى كامل الحيطة واليقظة وهو يؤدي مهمته التي يجب أن تكون بصدق وأمانة وإخلاص ومسؤولية ، وأن يجعل نصب عينيه احترام المساطر والإجراءات وكل المقتضيات والنصوص القانونية الموضوعية الجاري بها العمل في الميدان . وهذا ما تناولته المادتان 246 من المدونة العامة للضرائب و175 من مدونة جبايات الجماعات المحلية اللتان ألزمتا بكتمان السر المهني وفق أحكام التشريع الجنائي الجاري به العمل ، كل من يشارك بمناسبة مزاولة مهامه واختصاصاته كما هي منصوص عليها في المدونتين آنفتي الذكر ، سواء أثناء تحديد الضرائب والرسوم والواجبات أو مراقبتها أو استيفائها أو منازعاتها وحتى بالنسبة لأعضاء اللجان المنصوص عليها في المواد 50-225-226 من المدونة العامة للضرائب والمادة 157 من مدونة جبايات الجماعات المحلية وفي هذا الصدد أكدت المادتان المذكورتان بأنه لايجوز لمفتشي إدارة الضرائب ولا لموظفي المصالح الجبائية التابعة للجماعات الترابية أن يسلموا المعلومات أو نسخ من العقود أو المحررات أو الوثائق أو السجلات التي في حوزتهم لأشخاص غير المتعاقدين أو الخاضعين للضريبة المعنيين أو خلفهم العام ، إلا بموجب أمر صادر عن المحكمة المختصة.
وفيما يلي ا ستعراض لهذين النصين القانونيين اللذين يعتبران نسخة طبق الأصل لبعضهما البعض ، وذلك على الشكل التالي:
أولا : السر المهني من خلال المدونة العامة للضرائب.
ثانيا : السر المهني من خلال مدونة جبايات الجماعات المحلية.
أولا : السر المهني من خلال المدونة العامة للضرائب
إن عبارة السرالمهني عبارة فضفاضة ليس لها تعريف دقيق ومحدد من الناحية القانونية ، ومع ذلك فإن المدونة العامة للضرائب في مادتها 246 أسهبت في الحديث عن السر المهني كالآتي : « I – يلزم بكتمان السر المهني وفق أحكام التشريع الجنائي الجاري به العمل كل شخص يشارك، بمناسبة مزاولة مهامه أو اختصاصاته ، في تحديد الضرائب والواجبات والرسوم ومراقبتها واستيفائها أو المنازعات المتعلقة بها وكذا أعضاء اللجان المنصوص عليها في المواد 50 و225 و226 أعلاه.
غير أنه لايجوز لمفتشي إدارة الضرائب أن يسلموا المعلومات أو نسخ من العقود أو الوثائق أو السجلات التي في حوزتهم لأشخاص غير المتعاقدين أو الملزمين بالضريبة المعنيين أو خلفهم العام ، إلا بموجب أمر صادر عن القاضي المختص.
II – استثناء من أحكام البند الأول أعلاه ، يرفع السر المهني لفائدة الإدارات والهيئات التالية:
إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة .
الخزينة العامة للمملكة .
مكتب الصرف .
الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي .
ويجب أن تكون المعلومات المدلى بها كتابة من طرف الإدارة الجبائية في هذه الحالة موضوع طلب كتابي يوجه مسبقا إلى الوزير المكلف بالمالية أو إلى الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض ولايمكن أن تشمل هذه المعلومات إلا العناصر الضرورية فقط لمزاولة المهام الموكولة للطرف الذي قدم الطلب.
ويلزم أعوان الإدارات والهيئات السالفة الذكر بكتمان السر المهني وفقا لأحكام التشريع الجنائي الجاري به العمل فيما يتعلق بجميع المعلومات المدلى بها من قبل الإدارة الجبائية »
فالحفاظ على السرالمهني الضريبي هنا لايشمل فقط مفتشي وأعوان وموظفي الإدارة الضريبية بمناسبة قيامهم بأعمالهم ومزاولتهم لإختصاصاتهم ومهامهم ، وإنما يشمل كذلك أعضاء اللجان الضريبية المنصوص عليها في المواد 50-225-226 من المدونة العامة للضرائب . ويقصد باللجان المنصوص عليها في المادة 50 اللجان المحلية على مستوى الجماعة التي يعهد إليها كل سنة بناء على اقتراح من إدارة الضرائب ، بتقدير الربح الجزافي في الهكتار أو عن كل نوع من الأشجارفيما يخص العمالة أو الإقليم الواقع في دائرة اختصاصها ، وذلك قصد تحديد الأساس المفروضة عليه الضريبة على الدخل المترتبة على الدخول الزراعية (2).
ويلزم بكتمان السر المهني الأعضاء الخمسة للجنة المحلية على مستوى الجماعة الترابية التاليين:
– ممثل السلطة المحلية بصفته رئيسا للجنة .
– مفتش الضرائب المعين من طرف المدير العام للضرائب بصفته كاتبا مقررا للجنة.
– ممثلي الفلاحين الثلاثة المنتمين لغرفة الفلاحة والمنظمات المهنية . ويمكن أن تضيف اللجنة إليها ممثلا لوزارة الفلاحة يكون له صوت استشاري (3).
أما أعضاء اللجان المنصوص عليها في المادة 225 من المدونة العامة للضرائب فهم أعضاء اللجان المحلية لتقدير الضريبة التي أحدثتها الإدارة قصد النظر في بعض الطعون التي يتقدم بها الخاضعون للضريبة ، ويتعلق الأمر بالنسبة لكل لجنة:
– القاضي رئيس اللجنة.
– الكاتب المقرر للجنة.
ممثل عامل العمالة أو الإقليم.
ممثل الخاضعين للضريبة.
ويمكن للجنة المحلية أن تضيف إليها فيما يخص كل قضية خبيرين اثنين على الأكثر تعينهما من بين الموظفين أو الخاضعين للضريبة ، ويكون لهما دور استشاري.
أما بالنسبة للأعضاء الذين ورد ذكرهم في المادة 226 من المدونة العامة للضرائب فهم أعضاء اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة التي يوجد مقرها الدائم بالرباط وهم كالآتي:
– القاضي رئيس اللجنة الوطنية الذي يعينه رئيس الحكومة باقتراح من وزير العدل.
– القضاة السبعة (7) رؤساء اللجان الفرعية الوطنية الذين يعينهم رئيس الحكومة باقتراح من وزير العدل.
– الموظفون الثلاثون (30) الذين يعينهم رئيس الحكومة باقتراح من وزير الإقتصاد والمالية.
– الممثلون المائة (100) للخاضعين للضريبة المنتمون لعالم الأعمال الذين يعينهم رئيس الحكومة باقتراح مشترك لكل من الوزراء المكلفين بالإقتصاد والمالية والتجارة والصناعة والصناعة التقليدية والصيد البحري.
ويمكن للجنة الفرعية الوطنية أن تضيف إليها فيما يخص كل قضية خبيرا أو خبيرين موظفين أوغير موظفين يكون لهما دور استشاري . وإذا كانت المادة 246 قد تحدثت عن أعضاء اللجان المنصوص عليها في المواد 50-225-226 وألزمتهم بضرورة التقيد بالسر المهني أثناء ممارستهم لمهامهم شأنهم شأن باقي موظفي الإدارة الضريبية ، فإنها لم تشر بالمرة إلى أعضاء” اللجنة الإستشارية للنظر في الطعون المتعلقة بالتعسف في استعمال حق يخوله القانون “ المنصوص عليهم في المادة 226 مكررة وهي لجنة استشارية دائمة متساوية الأعضاء تتألف من أعضاء يمثلون إدارة الضرائب وأعضاء يمثلون ميدان الأعمال، وأعتقد أن ذلك قد سقط سهوا من المشرع الضريبي نظرا لأهمية هذه اللجنة في فض الطعون المقدمة إليها من طرف الخاضعين للضريبة عند جوابهم على رسائل التبليغ الأولى الموجهة إليهم وفق مقتضيات المادتين 220-221 من المدونة العامة للضرائب.
لذلك فإننا ننادي بتعديل الفقرة الأولى من المادة 246 المذكورة وحشر أعضاء” اللجنة الإستشارية للنظر في الطعون المتعلقة بالتعسف في استعمال حق يخوله القانون “ ضمن أعضاء اللجان الضريبية التي يجب عليها الإلتزام بكتمان السر المهني، ولو أن النص التنظيمي الذي سيحدد التنظيم الإداري للجنة وكيفية سيرها لازال لم ير النور بعد . كما ننادي بتعديل الفقرة الثانية من نفس المادة والمتعلقة برفع السر المهني الضريبي لفائدة إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والخزينة العامة للمملكة ومكتب الصرف والصندوق الوطني للضمان الإجتماعي دون غيرها من الإدارات والهيئات الأخرى خصوصا تلك التي لها علاقة بماهو دفاعي وأمني واستخباراتي …
ثانيا : السر المهني من خلال مدونة جبايات الجماعات المحلية
هذا الجانب من الأسرار المهنية تناولته المادة 175 من قانون 47/06 بمثابة مدونة لجبايات الجماعات المحلية التي دخلت حيز التطبيق ابتداء من فاتح يناير 2008 وهي نسخة طبق الأصل للمادة 246 من المدونة العامة للضرائب التي دخلت حيز التطبيق ابتداء من فاتح يناير 2007 ، وقد جاء فيها ما يلي : « يلزم بكتمان السر المهني وفق أحكام التشريع الجنائي الجاري به العمل كل شخص يشارك بمناسبة مزاولة مهامه واختصاصاته في تحديد الرسوم ومراقبتها واستيفائها أو المنازعات المتعلقة بها وكذا أعضاء اللجان المنصوص عليها في المادة157 أعلاه.
غير أنه لا يجوز لهؤلاء الأشخاص أن يسلموا المعلومات أو نسخ من العقود أو الوثائق أو السجلات التي في حوزتهم لأشخاص غير المتعاقدين أو الملزمين المعنيين أو خلفهم العام إلا بموجب أمر صادر عن القاضي المختص»
ويقصد بأعضاء اللجان المنصوص عليها في المادة 157 من مدونة جبايات الجماعات المحلية ،أعضاء اللجان المحلية لتقدير الضريبة التي يعهد إليها النظر في النزاعات المعروضة عليها من طرف الخاضعين للرسوم المحلية الكائن موطنهم الضريبي أو مقرهم الإجتماعي أو مؤسستهم الرئيسية بدائرة اختصاصها، ويتعلق الأمر
بالنسبة لكل لجنة محلية بالأعضاء التاليين :
القاضي رئيس اللجنة .
ممثل عامل العمالة أو الإقليم .
ممثل الخاضعين للرسوم المحلية .
الكاتب المقرر ممثل المصالح الجبائية المحلية .
ويمكن للجنة المحلية أن تضيف إليها فيما يخص كل قضية خبيرين اثنين على الأكثر تعينهما من بين الموظفين أو الخاضعين للرسم، ويكون لهما دور استشاري.
وقد كان على المشرع أن يسمي هذه اللجان ب “ اللجان المحلية لتقدير الرسم “ تمييزا لها عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة المنصوص عليها في المادة 225 من المدونة العامة للضرائب.
يتضح إذن ومن خلال قراءة متأنية لهذه النصوص الجبائية الواردة سواء في المدونة العامة للضرائب أو في مدونة جبايات الجماعات المحلية ، أن ثمة مجموعة من الأشخاص يلزمهم القانون بكتمان السر المهني الجبائي أثناء مزاولتهم لمهامهم ووظائفهم واختصاصاتهم ، منهم من ينتمي لسلك الإدارة الضريبية ومنهم من ينتمي لسلك القضاء ومنهم من ينتمي لسلك الداخلية ومنهم من ينتمي للمصالح الجبائية المحلية ومنهم من ينتمي للهيئات أو المنظمات المهنية ، وإلا تعرضوا للمساءلة الجنائية الناشئة عن إفشاء السر المهني الذين هم أمناء عليه ، وتكون العقوبة هي الحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة مالية من 1.200 إلى 20.000 درهم تطبيقا لمقتضيات المادة446 من القانون الجنائي.
ويهذف الجمع بين عقوبتي الحبس والغرامة في مثل هذا النوع من الجرائم إلى الضرب وبقوة على أيدي كل من قد تسول له نفسه إفشاء سر مهني قد أودع لديه أو قد أمنه القانون عليه أو تلاعب بملفات ووثائق ومستنذات وعقود تخص خاضعين للضرائب أو الرسوم أو تسليمها لغير أصحابها أو المعنيين بها إلا بموجب القانون أو إذن المحكمة المختصة.
تلك إذن هي أهم الخطوط العريضة لمسألة السر المهني في الميدان الجبائي ، والتي يجب على مفتشي وموظفي وأعوان الإدارة الضريبية وغيرهم ممن أتت النصوص القانونية المشار إليها أعلاه ، الإلتزام بها والتقيد بها والعمل بأحكامها.
غير أن هناك من يشذ عن هذا معتبرا من قبيل السر المهني كل موظف ينتمي للجهاز الضريبي يقوم بتنوير الخاضعين للضريبة بكافة حقوقهم وواجباتهم وبما استجد من مقتضيات قانونية وما استعصى عليهم فهمها أو الإحاطة بها ، بل هناك من يعتبر من قبيل إفشاء السر المهني المساهمة بمقالات أو كتابات على أعمدة الصحف والجرائد والمجلات حتى يطلع عليها الجميع ويعرفها الجميع وتكون في متناول الجميع . والأنكى من هذا أن هناك من اعتبر القيل والقال وكثرة السؤال الذي لايمت بصلة إلى الضريبة سرا مهنيا ناسين أو متناسين بأن هناك بون شاسع ما بين السر الشخصي والسر المهني هذا الأخيرالذي نتمنى أن تكون له حدود لا أن تبنى حوله سدود .
هوامش :
1- انظر مقالنا المنشور بجريدة العلم عدد 21093 بتاريخ 09 يوليوز 2008 ركن المجتمع والقانون صفحة 07 تحت عنوان «مفهوم السر المهني في الميدان الجبائي» .
2- الفقرة الثانية من المادة 49 من المدونة العامة للضرائب.