بقلم :ذ ـ يوسف السوحي
يثير اليوم الكثير من المتدخلين في عالم الصحافة والاعلام أو في عالم الفايسبوك والوسائط الاجتماعية الاخرى ،موضوع الإستغلال السياسي لجائحة كورونا ،وتوظيفها بشكل براغماتي من طرف الاحزاب السياسية في افق انتخابات 2021 ،ويجمع أغلبية المتدخلين ،الجالسين في مكاتبهم أو بمنازلهم في زمن الحجر الصحي ،يتوفرون على كل الامكانيات المالية والمعنوية ،التي تقيهم شر السؤال والحاجة في هذه الظروف الصعبة التي تتسم بحالة الطوارئ ببلادنا ،على إذانة تصرف السياسي في زمن كورونا وإتهامه بمحاولة ركوبه على هذه الجائحة.وقبل الخوض في تحليل هذه الانطباعات الخاصة بهذه الفئة ،يجب أن نحدد أولا المفهوم اللغوي والاصطلاحي لرجل السياسة ،حتى نتمكن من الاجابة الصحيحة على هؤلاء المتدخلين ،فتعريف “السياسي” في معجم المعاني الجامع وفي المعاجم الاخرى هو :اسم منسوب الى سياسة ،ومن يعمل في السياسة،متعلق بإدارة الشّؤون العامّة وتنظيمها وذو علاقة بالعوامل الاجتماعيّة والسِّياسيَّة معًا،والرجل السياسي رجل مهتم بشؤون الجماعة وطريقة عملها من خلال العمل السياسي ولا يمكننا أن نفهم من هو الرجل السياسي إلا بمعرفة الأساس الذي يقوم عليه وهي السياسة ، بالمعنى الأقرب هي طريقة التعامل في المجتمع ،إذن من هنا يجب أن نستخلص حقيقة ومعنى رجل السياسة ،فبغض النظر عن الاحزاب السياسية الممثلة بالمنسقين والمفتشين المحليين والجهويين، والنقابات والجمعيات وفروعها والروابط المهنية (الاطباء،المهندسين ،المحامين…)التي تمارس السياسة بشكل رسمي ،فاننا نجد المنتخبين والبرلمانين ورؤساء المجالس المنتخبة والغرف المهنية…،من حقهم ممارسة السياسة وتدبير الشأن العام المحلي إنطلاقا من أدوراهم الدستورية ،والارتباط بحاجيات الساكنة والمرتبطين،والمساعدة في الازمات مثل ما نعيشه اليوم في زمن كورونا،لانه ببساطة شديد،فهذه الاليات التي يمتلكها السياسي المادية منها والمعنوية،هي سبب وجوده وعلة وظيفته الاجتماعية ،لأن المفروض في السياسي الحقيقي والمتمكن، إمتلاك حلول للأزمات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية…،وابتكار طرق وأليات تملئ الفراغ،لان في مطبخ السياسة يصنع القرار، وهي فن الممكن و أمانة عظيمة ومسؤولية كبيرة، والسياسي هو قبل كل شيء مواطن مغربي و شخص وضعت الساكنة ثقتها فيه لتحسين أوضاعهم وإخراجهم من الأوضاع والأزمات السيئة التي يعيشوها،وأما الحديث عن استغلال هذه الازمة ومحاولة الركوب عليها فهذا حق يراد به باطل ،لأنه من جهة فالمغاربة أذكياء بما فيه الكفاية لمعرفة من يريد ستغلال وضعيتهم وتوظيف حاجاتهم للمؤونة والمساعدات في زمن كورونا ،ومن جهة أخرى من حق الاحزاب السياسية أن توظف امكانياتها المالية والمعرفية في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد والعباد كفاعلين في المجتمع ،فتوزيع المساعدات الغذائية والطبية والتعليمية في هذه الازمة،من طرف بعض المنتخبين والبرلمانين ورؤساء المجالس المنتخبة على المحتاجين والفقراء والمنخرطين في الحزب ،أليس من صميم عملهم ومن أهداف وبرنامج الحزب السياسي؟لماذا يحاول البعض أن يعزل السياسي عن محيطه،ويصوره في أبشع الصور ، ويخلق فجوة عميقة بين المواطن والسياسة،ويجعل منه ثعلبا ؟هل للدولة المغربية كل المقومات المالية والبشرية،حتى لا تقبل مساعدة رجل الدين ورجل السياسة ورجل البر والاحسان،ورجل المال والاعمال ومغاربة العالم…،في مواجهة وباء كورونا؟
إن المغاربة اليوم في حاجة أكثر من أي وقت مضى ،الى الوعي التام بالمواطنة الحقيقية وطبيعة نظامنها السياسي ، واستخلاص الدروس والعبر من هذا الوباء ،وفهم جدلية الحق والواجب ،وبماذا يفيد كل فرد منا هذا الوطن؟وأن نتربى ونتعلم كيف نحاسب المسؤولين السياسين وغيرهم عن علم ومعرفة واطلاع بالمجال وإنطلاقا من انجازاتهم ومردوديتهم ،وليس عن النوايا وتلفيق التهم ،وان نقطع مع الاحكام والخلفيات المسبقة في حق السياسين ورجال المال والاعمال،والمحسنين … النزهاء والشرفاء طبعا،الذين أبانوا عمليا عن حبهم لهذا الوطن ،ومساهمتهم بالملايير والملايين لصندوق مكافحة وباء كورونا،ووضعوا امكانياتهم (الفنادق،المصحات،المطاعم،الاليات ، الابتكارات والمنتوجات ….) رهن إشارة الوطن وفي خدمة المواطنين المحتاجين لقفة المواد الغذائية وليس للخطابات البيزنطية .
إرسال تعليق