فيروس كورونا يحرر الملك العمومي .

بقلم: ذ ـ يوسف السوحي

استبشر المغاربة  في محتلف المدن ،بالحملات المدروسة التي تشنها السلطات المحلية ضد احتلال الملك العمومي ،وإزالت العديد من النقط السوداء التي تشوّه جمالية المدن،وتخدش قدسية وحياء الاحياء الشعبية،هي مئات من الاسواق العشوائية والبراريك التي نبتت كالفطائر بمختلف أحياء مدننا،تارة برعاية من الساسين والمنتخبين،وتارة أخرى بايعاز من السلطات المحلية ،هي إذن فوضى عارمة من صنع باعة متجولين،يحتلون أماكن بدون وجه حق لممارسة تجارتهم ولو على حساب صورة المدينة،اليوم جائحة كورونا خلصتنا من هذه الفوضى المنظمة التي كانت لها عائدات مالية وانتخابية على المؤسسين لها وحماتها، وكشفت طرق ووجوه المستفيذين منها ،وبالعودة قليلا إلى تاريخ  الاستغلال المؤقت للملك العمومي بالمغرب،  والذي كان ينظم  بظهير يعود إلى عهد الحماية الفرنسية، وبالضبط إلى 30 نونبر 1918. وبات هذا التشريع غير مساير للتحولات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ولا يشجع على الاستثمار؛ وهو ما يضيع فرصاً كبيرة من التنمية.

وتشكل الأملاك العامة رصيداً عقارياً مهماً للدولة، وهي آلية من آليات الاستثمار وخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، نظراً للمميزات التي يختص بها هذا الملك والمتمثلة أساساً في كونه موضوع رهن تصرف العموم وغير قابل للتفويت.تقادم التشريع الحالي، الذي عمر 101 سنة، دفع وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء إلى إعداد مشروع قانون مفصل بهدف تجاوز عدد من المعيقات؛ أبرزها عدم خضوع ترخيص الاستغلال المؤقت للملك العمومي لمعايير موضوعية، خاصة فيما يتعلق بملاءمة الترخيص ومدته والنشاط المرخص له.هذا ووضعت وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك اللمسات الأخيرة على مشروع قانون يتعلق بـ”الاحتلال المؤقت للملك العمومي”، يضع قواعد خاصة للاستغلال المؤقت للملك العمومي، تتمثل بالخصوص في “مسطرة الإعلان عن المنافسة”، مع “إخضاع استغلال هذا الملك لدفتر التحملات”، و”إلزام المستغلين بإعداد دراسة التأثير على البيئة للمشاريع المزمع انشاؤها فوق الملك العمومي”.وينص مشروع القانون على “إلزام الإدارة بدراسة طلب التراخيص المباشرة داخل أجل لا يتعدى 60 يوما من تاريخ إيداع الطلب”، بينما نصت المادة الـ9 منه على أن “يمنح الترخيص بالاستغلال المؤقت للملك العمومي لمدة أقصاها أربعون سنة، قابلة للتجديد مرة واحدة لمدة أقصاها أربعون سنة، إذا تبين للإدارة المختصة ضرورة استمرارية النشاط موضوع الترخيص”.
كماينص المشروع على توجيه إعذارات ل”كل شخص يستغل الملك العمومي دون الحصول على ترخيص بالتوقف عن الاستغلال غير الشرعي”، على أن يعاقب على كل “ترام على الملك العمومي بغرامة تعادل عشر مرات مبلغ الإتاوة السنوية المستحقة في الحالات العادية للاستغلال”.
وينص المشروع على أنه “إذا كان الترامي مرتبطا بانجاز بناء يتم توجيه إعذار إلى المخالف لإزالة البناء داخل أجل 15 يوما”، مضيفا أنه في حالة “عدم امتثاله يتم هدم البناء طبقا لمقتضيات القوانين المتعلقة بالتعمير”، وذلك دون “الإخلال بالمتابعة القضائية،” مع إلزام “المخالف بأداء غرامة تساوي 20 مرة مبلغ الإتاوة السنوية العادية المستحقة في حالة الاستفادة من الترخيص”.

واليوم في زمن كورونا تبدوا هذه الفضاءات التي كانت محتلة عنوة ،وكانها ولدت من جديد،خصوصا بعض الساحات التارخية كساحات الهديم بالعاصمة الاسماعيلية ،التي اعادت لها جائحة كورونا الاعتبار التاريخي والثقافي الذي سلب منها كرها وبثمن بخس دراهم معدودات،من طرف الباعة وتحت اعين المجالس المنتخبة والسلطات المحلية،إذن اليوم توقد كورونا ضمائر المسؤولين تجاه الأملاك العامة  التي تشكل رصيدا عقاريا مهما للدولة، وآلية من آليات الاستثمار، وخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي هي موضوع رهن تصرف العموم، وغير قابل للتفويت.