لم يكن أكثر المتشائمين ينتظر أن تمر جلسة انتخاب رئيس مجلس جماعة مكناس ،بتلك الصورة الباهتة،وبتلك الفوضى التي ساهم فيها بشكل رئيسي مسير الجلسة وبعض المصورين والمستشارين ،الطامحين في عرقلة السير العام والعادي لجلسة انتخاب الرئيس ونوابه، والتي حملّها البعض أكثر مما تحتمل ،بالرغم من أن المنافسة عن الرئاسة كانت محسومة بشكل قبلي للمهندس جواد باحجي ،لكونه المرشح القانوني الوحيد لرئاسة المدينة ،وهو الامر الذي يطرح علامة استفهام أمام عدم ترشح أحد مكونات أحزاب المعارضة للرئاسة ولو بشكل نضالي ،يعطي معنى للديمقراطية الانتخابية ..،بالاضافة إلى احتلال حزبه التجمع الوطني للأحرار على المرتبة الاولى بالعاصمة الاسماعيلية ،وحصوله على الاغلبية المطلقة ب 41 صوتا ،بتحالف محسوم عشية صدور النتائج بعدد من الاحزاب السياسية في مقدمتها حزب الاتحاد الدستوري ، وحزب الاستقلال ،وحزب الاتحاد الاشتراكي ،وخليط من الاحزاب مكون من عدد كبير من المستشارين وصل عددهم إلى 13 ،أعلنوا مساندتهم للدكتور باحجي وأغلبيته..،
لكن ما أثار انتباه الحاضرين لدورة انتخاب الرئيس ،هو التحامل الفاضح لبعض المستشارين الذين ذهبوا للمعارضة مكرهين وليسوا أبطال ..، بالاضافة الى النقطة التي أفاضت الكأس وهي التدخل الانفعالي للمناضل والمستشار التجمعي محسن خربوش ذو الاخلاق الرفيعة و صاحب التجربة الطويلة في ادارة الشأن العام المحلي طيلة 30 سنة،والذي اعرفه عن قرب ،واشتغلت معه في المجلس السابق بصفته رئيس للجنة المرافق العمومية ،لم أكن أنتظر منه ان يقحم مشكل حزبي داخلي في جلسة عمومية لانتخاب الرئيس ناسيا أو متناسيا بأن المناسبة شرط ،وإن كان قد تحدث عن مشاكل المحسوبية والزبونية وفساد الية الديمقراطية الداخلية داخل الحزب في الانتداب وترتيب اللائحة ،وهو مرض للأسف الشديد تعاني من أعراضه كل الاحزاب المغربية بدون استثناء بنسب مختلفة ..،ضغط الحملة الانتخابية وكواليس تشكيل الاغلبية،وحماس الجلسة الافتتاحية ،وإحساسه بالحكرة ..،كلها أسباب دفعته الى التفكير بصوت مرتفع عن السبب في اقصائه حسب اعتقاده،محمل المسؤولية لوكيل اللائحة جواد باحجي ولمنسق الحزب بدر الطاهري ،متعللا بكون المساهمة المالية هي المعيار في ترتيب اللائحة وفي الفوز بالنيابة… ،الأمر الذي ينفيه وكيل اللائحة وكل المستشارين والمستشارات بحزب التجمع الوطني للأحرار،وفي هذا السياق أكدت المستشارة ابتسام الزعرة “على أن كل هذه الاتهامات المفتعلة من طرف بعض الاحزاب تبقى واهية ولا تبنى على اساس واقعي وملموس،وموقف الاخ خربوش مثير للاستغراب والدهشة،لان الترشح في اللائحة او للنيابة او اللجن له شروط ومسطرة ينظمها القانون الداخلي للحزب ،ولا تؤسس على الولاء أو الاتاوات …” وفي نفس السياق أكد ل “قلم الناس ” في حوار مطول السيد خالد البودالي نائب الرئيس في الولاية السابقة ،والذي وضع ترشيح نضالي في لائحة حزب التجمع الوطني للأحرار على أن ” كل ماقاله الاخ محسن خربوش في لحظة غضب،مردود عليه،ولا يتماشي ومسار الثقة الذي يبشر به التجمعيين في هذه المرحلة التاريخية ،بل يمكن اعتباره مزايدة سياسية وربما تحريض من جهات معينة،فشلت في الوصول للرئاسة،وتحاول شن حرب الاشاعة والتشويش على هذا المسار الناجح ، على رفاقه في الحزب،وانطلاقا من تجربتي بالحزب يمكن التأكيد على انه لم يطلب منا المال مقابل الترتيب في اللائحة بل الشعبية والنضال والقدرة على المساهمة في انجاح مشروع وبرنامج الحزب ..، هي التي تمنحك الترتيب المستحق،أما النيابة في المكتب فتتطلب الكفاءة العلمية والتدبيرية ،ويتم الاحتكام فيها ليس للمال ولكن لنوعية التفويض وللمفاوضات القبلية بين الاحزاب المكونة للأغلبية…” كما أجاب السيد خالد البودالي على العديد من الاسئلة التي لها علاقة بالموضوع أهمها :
ـ متى تبدأ المصلحة الشخصية ومتى تنتهي بالمفهوم الحزبي ؟
إن التفكير في المصلحة العامة قبل المصلحة الشخصية بالمفهوم السياسي هو واجب،على شرط أن يكون القانون هو الضابط الوحيد في الالتزام ،ومن واقع قناعة بأن المصلحة العامة هي أساس كل شيء،ومن لا يسعى لاجلها لا يستحق أن يتشدق أو أن يدعي أنه يسعى لتحقيقها ،وبالتالي فهو يتخندق داخل مصالحه الشخصية الضيقة،ويعمل على ايهام الاخرين بأنه مناضل من خلال تدخلاته النارية وانتقائه لكلمات ملتهبة والاستعانة بقاموس الاصطدام وهو ما وقع خلال انتخاب الرئيس للاسف الشديد.بحيث يسعى ليتبجح بمفردات نارية في نقد وتشويه المسؤولين أو ليكشف بما يسمى المستور والمسكوت عنه لينال بعدها تشجيغات وتصفيقات بعض الخصوم الذين أعدوا سلفا لتأدية هذه الوظيفة الدنيئة بدون خجل من أنفسهم ،كما يوضح الفيديو .وهو الامر الذي يفرغ النضال من محتواه ويجعله مجرد شعارات وخطابات تشخيصية لتازيم الوضعية بحتا عن موقع قدم يرضيه أومنصب ..،في قالب من المشاكسة والشغب اللفظي والمزيدات السياسوية..،خدمتا لمن كان يسير بالأمس القريب بأغلبية مريحة..، انه باختصار شديد زمن الانحطاط السياسي ورداءة القيم.
ـ من خلال تجربتكم ،كيف تقومون عملية منح التفويضات والنيابة داخل المجلس؟
العمل الجماعي هو القدرة على العمل معا برؤية مشتركة ،تتجاوز المناصب والتفويضات..،الامر الذي يمنح المستشارين والمستشارات ، القدرة على توجيه الانجازات الفردية باتجاه الأهداف،وتحقيق نتائج غير عادية ،لان سلوك الفرد يتوقف عليه مصير الجميع ،واذا كنا ننوي العزف على الة الكمان مثلا فلن يكون لدينا ابدا مجلس محترم،ولذلك دعونا نحترم كل عازف في مكانه الصحيح …
كلمة اخيرة
أتقدم بتهنئة كل الاحزاب المكونة للمجلس ،في شخص ممثليها الاعضاء،وتهنئة خاصة للسيد الرئيس وكافة النواب المحترمين ،متمنا لهم التوفيق والنجاح والسداد زاستمرار رحلة العطاء لتأهيل المدينة والدفع بعجلة التقدم والازدهار وتنزيل كل البرامج المسطرة لتاهيل المدينة الاسماعيلية.
فهو تتويجا لمسارهم السياسي المتسم بالجدية والمسؤولية،وتكليفا ثقيلا للقيام بالمسؤوليات والمهام المنوطة بهم ،و واثقون بأهليتهم وفعاليتهم القوية للإضطلاع بالمهام الجديدة المسندة اليهم خدمة للساكنة المكناسية .
إرسال تعليق