عبد العزيز كوكاس يكتب : قضية الرميد تعكس البعد الانتهازي للنخبة السياسية

بقلم : الصحفي عبد العزيز كوكاس.

تطرح قضية المرحومة جميلة بشر التي ظلت تعمل لدى المحامي مصطفى الرميد لحوالي ثلاثة عقود، إشكاليات دقيقة تمس أساسا طبيعة النخبة السياسية بالمغرب، وبعدها الانتهازي وعدم توافق ما تصرح به على مستوى الخطاب مع ممارساتها خاصة اتجاه الفئات الدنيا في المجتمع..

لا أشك في أن مصطفى الرميد قد يكون كريما ويتصرف مع مشغلته الراحلة وأسرتها بأريحية وبكرم حاتمي، لكن هذا بعد إحساني لا علاقة له بما تفرضه قوانين الدولة المدنية.. فالسؤال المطروح الآن ليس هو سلوك وزير حقوق الإنسان مع مشغلته الراحلة، جميلة بشر، الذي بحكم معرفتي بالرجل قد تتسم بالكثير من الإحسان والكرم، لكن الإشكال الحقيقي الذي لم يجب عليه مصطفى الرميد ولا أسرة الراحلة عبر أوديو/ بيان حقيقة والذي طرحه من فجر هذه القضية هو ببساطة: هل جميلة مصرح بها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أم لا؟ وإذا كانت كذلك فعلى الرميد إشهار رقم “البوردورو” والأوراق التي كان يتوصل بها..

هذا هو السؤال، لا يهم متى صرح بها، خاصة وأن الأمر يتعلق بمكتب للمحاماة مدر للدخل الوفير، وتبرز نعمته من خلال هيئة مصطفى الرميد ذاته، حتى ولو كان لسهو أو تغافل، لم يسجلها لعقدين من الزمان، لكن مع تطور الحقوق ويسر الرزق الذي وهبه الله للرميد والذي توجد سكرتيرته الراحلة جميلة ضمن أسبابه بحكم وفائها وانهماكها في العمل بروح التفاني والتضحية، ومع المسؤوليات الحساسة التي أصبح يحتلها كقيادي في حزب العدالة والتنمية الذي بنى كل مجده السياسي على المصداقية والطهرانية والنزاهة الأخلاقية والتزام شرع الله الذي حض على إيفاء الأجراء حقوقهم.. أو بعد توليه منصبا حساسا مع حمله حقيبة وزارة العدل وحقوق الإنسان، لا عيب إن تدارك الأمر وصرح بها حتى في السنوات الأخيرة أن يعلن عن ذلك أمام الملأ..

شخصيا حصلت على رقم بطاقة المرحومة جميلة بشرb762659، واتصلت بمسؤولين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ولم يعثروا على اسم المرحومة ضمن المصرحين بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والأخطر في الأمر أن الراحلة كانت تعاني من أمراض مزمنة طويلة الأمد، خاصة السكري وضغط الدم، وهي أدوية مكلفة لو كان مصرحا بها لدى مصالح cnss، لم تكن لتكلفها ميزانية ضخمة من صلب أجرتها؟!

الأمر بالنسبة لي يتجاوز مصطفى الرميد، بل يتعلق بطبيعة النخبة المغربية وميولاتها الانتهازية، في استغلال الطبقات الدنيا، فهناك محامون وأطباء ومهندسون لا يوفون أجراءهم حقوقهم، وأغلب الأجراء المشتغلين في هذه المكاتب ذات الدخل المرتفع خاصة، غير مصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فكيف سنثق بنخبة على هذه الشاكلة؟ كيف سنؤمن بقدرة هذه النخبة التي لا تتمثل السلوك المدني في القيام بالواجب وإيفاء المشغلين حقوقهم واحترام مواثيق الشغل؟