الدنيا التى قامت هذه الأيام فى الولايات المتحدة على الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، سبق أن قامت على الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى موضوع مماثل!.
فالانتخابات الرئاسية الأمريكية ستجرى فى نوفمبر بعد المقبل، ولأن ترامب سوف يخوضها لفترة ثانية وأخيرة، فإنه يصاب بالجنون كلما اقترب موعدها أكثر!.. ومن مظاهر جنونه أنه صرح قبل يومين بأن الناخب اليهودى الذى سيصوت للحزب الديمقراطى المنافس، إما أن يكون فقير المعرفة، وإما أن يكون عديم الولاء!.
وقد قامت الدنيا عليه ولم تقعد بعد، لأن يهودًا كثيرين فى بلاده قد فهموا من تصريحه أنه يتهمهم بالولاء المزدوج، وبأن ولاءهم للولايات المتحدة التى يحملون جنسيتها، ينافسه ولاء آخر لإسرائيل!.
حدث هذا ولا يزال يحدث، رغم أنه لم يشرح قصده بالضبط من وراء كلامه، ورغم أن أحدًا لم يمنحه الفرصة ليوضح حقيقة المعانى التى قصدها، وبالذات فى مسألة عدم الولاء!.
ومن قبل كان مبارك قد صرح بأن ولاء الغالبية من الشيعة فى البلاد العربية إنما هو لإيران، وليس للدول التى يعيشون فيها ويتمتعون بخيراتها!.. وما كاد الإعلام ينشر التصريح على لسان مبارك وقتها حتى قامت عليه الدنيا ولم تقعد إلا بعد وقت طويل!.
وقد حدث هذا أيضًا، رغم أن الرئيس الأسبق احتاط فى حديثه، فلم يعمم ولم يتهم الكل، ولكنه اتهم نسبة منهم وبرّأ النسبة الأخرى!.
وقد أثبتت الأيام صدق ظن مبارك على الأقل فى اليمن، فالجماعة الحوثية هناك لا تجد حرجًا فى الاعتراف علنًا بارتباطها مع إيران.. وقبل أيام كان على خامنئى، مرشد الثورة الإيرانية، قد استقبل محمد عبدالسلام، المتحدث باسم جماعة الحوثى، وما كاد اللقاء ينتهى حتى كان المرشد قد قال: «إننى أعلن دعمى للمجاهدين الحوثيين فى اليمن»!.
وهكذا نجد أنفسنا أمام اعتراف من الطرفين معًا: الطرف الحوثى من ناحية، والطرف الإيرانى فى المقابل من الناحية الأخرى!.
وقبل شهور كانت نايكى هيلى، مندوبة الولايات المتحدة السابقة فى الأمم المتحدة، قد عقدت مؤتمرًا صحفيًا فى واشنطن، تتحدث فيه عما يفعله الحوثيون فى اليمن، وكانت قد وضعت خلفها بقايا صاروخ أطلقوه على الأراضى السعودية، وعلى البقايا ما يشير إلى أن الصاروخ صناعة ايرانية!.
ولا تعرف بالطبع كيف يفكر اليهود فى الولايات المتحدة، ولا كيف يفكر الحوثى فى بلاد اليمن السعيد، ولكن ما أعرفه أن الولاء للوطن لا يعادله شىء آخر، وأنه لا يتقدم عليه شىء.. أى شىء!.. وبالقياس، ومع الفارق، فالمصريون قدموا فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ دليلًا عمليًا فى هذه القضية!.