قلم الناس : متابعة
السيد الأمين العام المحترم، نأمل أن تصلكم هذه الرسالة وأنتم في أتم الصحة والعافية.
نحن نولي في حزب جبهة القوى الديمقراطية بالمملكة المغربية أهمية فائقة للعلاقات بين بلدينا ونود أن نشارككم هواجسنا بشأن التحديات التي يواجهها التطور السليم لهذه العلاقات في ضوء السياسة المتبعة من قبل رئيس الجمهورية الفرنسية السيد إيمانويل ماكرون.
إن العلاقات التي تربط بين المغرب وفرنسا لها تاريخ طويل من التعاون والصداقة، وهي تقوم على الاحترام المتبادل والتفاهم والمصالح المشتركة. وعلى مر العقود ساهمت هذه العلاقات، بخصوصيتها وبعمق تشابكها، في تحقيق التقدم والازدهار في شمال إفريقيا وأوروبا.
غير أننا نشعر اليوم بقلق بالغ إزاء تبعات سياسة الرئيس ماكرون، التي تغذي تناقضات وتعقيدات المنطقة المغاربية، من أجل استدامة النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء الغربية المغربية، واستمرار التوتر والصراع بين المغرب والجزائر، بما يحول دون تحولهما إلى قاطرة للتنمية في المنطقة، مثلما فعلت فرنسا وألمانيا لفائدة أوربا.
إن حزبنا، حزب جبهة القوى الديمقراطية، لا يذخر جهدا من أجل تحسين العلاقات المغربية الجزائرية، انطلاقا من استحضار الكفاح المشترك للشعبين الشقيقين ضد الاستعمار، ومن التأكيد على مختلف الروابط الإنسانية والتاريخية والجغرافية التي تجمع بين البلدين.
إن حزبنا ينظر إلى العلاقات المغربية الجزائرية من منطلق تحديات المصير المشترك لبلدينا في مجالات الأمن والتنمية، ولذلك فنحن حين ننتقد النظام الجزائري فإنما نفعل ذلك متى قام بالتدخل في شؤون بلدنا الداخلية، أو عمل على المس بقضايانا ومصالحنا الوطنية الحيوية.
إن مخاوفنا بشأن مستقبل العلاقات المغربية الفرنسية تزداد اليوم أكثر من أي وقت مضى بعد ما لاحظناه من ارتدادات سياسية عنيفة للزلزال الذي ضرب المغرب على واقع هذه العلاقات الباردة أصلا، وذلك نتيجة الاختيارات غير الموفقة التي قام بها الرئيس ماكرون، وبلغت حدا غير مسبوق، في تجاوزها لحدود الأعراف والحكمة الديبلوماسية، وفي مسها بالشعور الوطني الراسخ في قلب كل مغربي، حين قام بتوجيه رسالة مصورة مباشرة للشعب المغربي.
إن ما صدر من الرئيس ماكرون لا يمكن أن يفهم إلا في سياق هذه المرحلة الصعبة من تاريخ العلاقات بين بلدينا، حيث لازالت فرنسا تماطل في الاعتراف بمغربية الصحراء رغم أن جلالة الملك محمد السادس كان واضحا ومباشرا في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، بتاريخ 20 غشت 2022، حين قال بأن “ملف الصحراء هو النظّارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.
إننا ونحن نقدر لفرنسا ما قامت به في العديد من محطات النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، بتأثيراته على الأمن والاستقرار في المنطقة، نعتقد أن عليها اليوم إنهاء سياسة اللعب على الحبلين. فالاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء خطوة ضرورية لتعضيد الجهود الرامية إلى تحقيق تسوية سياسية لهذا النزاع ذي الطبيعة السيادية الذي دام أكثر من اللازم.
نحن ندعوكم للنظر في أهمية اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، نظرًا للتغيرات السريعة في المشهد الدولي وتزايد الدعم الدولي لمغربية الصحراء، ونعتقد أنه من الحيوي أن تقوم فرنسا بالخطوة الصحيحة في هذا السياق ودون مزيد من التأخير.
إن اتخاذ هذه الخطوة سيساهم في تعزيز مكانة فرنسا في المنتظم الدولي وسيعزز علاقاتها الدبلوماسية، فهذه الخطوة لن تكون إعلاناً عن الواقع فحسب، بل ستعزز أيضًا العلاقات بين الجمهورية الفرنسية والمملكة المغربية، وستسهم في تعزيز التعاون والشراكة بين البلدين في مجموعة متنوعة من المجالات.
إننا ونحن نستحضر معكم هذه الهواجس نعبر لكم عن التزامنا بالعمل معكم من أجل تعزيز هذه العلاقات وتجاوز العقبات التي تواجهها. ونأمل أن تشجعوا على إعادة تقييم السياسة الحالية، والسعي إلى بناء علاقات أكثر توازنًا بين بلدينا بما يحقق الاستقرار والسلام في المنطقة ويساهم في مواجهة التحديات العالمية بفعالية.
نتطلع إلى سماع آرائكم واقتراحاتكم ونشكركم مقدمًا على اهتمامكم وتعاونكم المحتمل في هذا الشأن.
مع خالص التحية.
المصطفى بنعلي
الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية
إرسال تعليق